للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنصبة الأموال الزكوية الأربعة: [السائمة من بهيمة الأنعام - النقدان - الزروع والثمار - عروض التجارة]، فنجد ثلاثة منها محددة تحديدا دقيقا، وتزكى من أعيانها، دون النظر إلى قيمتها التي قد تختلف عبر العصور، ولا أثر لتغير قيمتها في زكاتها التي تخرج من أعيانها بالذات وهي [الأنعام - الزروع - النقدان]، ويبقى نصاب واحد مقدر بالقيمة وهو عروض التجارة، فبماذا قومه الفقهاء؟ فبمثله نقوم نصاب النقد الورقي؛ لأنه نصاب الأصل في تحديده القيمة، ويقاس عليه كل ما يلزمنا تقويمه مما يحدث من أموال.

ولا يعني هذا أنني رجعت عن تكييف الورق النقدي كنقد مستقل إلى اعتباره عروض تجارة. كلا. . بل هو نقد مستقل، ولا نص يرشدنا إلى تحديد نصابه، وليس زكاته في عينه، بل في قيمته، وهناك نصاب منصوص على اعتبار القيمة فيه، وهو عروض التجارة، فليكن مصير تقويم النقد الورقي بما تقوم به عروض التجارة.

زكاة عروض التجارة ثابتة بالإجماع خلافا للظاهرية، ورجح الإجماع الشوكاني في نيل الأوطار، نقله عن ابن المنذر (١)، فقد أخرج أبو داود، في سننه، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعده للبيع (٢)» وقد سكت عنه أبو داود دليل تحسنه، وحسنه ابن عبد البر، وقال ابن حجر: في إسناده جهالة، وروى البيهقي عن أبي ذر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البز صدقته (٣)» قاله بالزاي، ولا خلاف أن الزكاة


(١) نيل الأوطار ٤/ ١٩٧.
(٢) سنن أبو داود الزكاة (١٥٦٢).
(٣) مسند أحمد بن حنبل (٥/ ١٧٩).