خوطبوا بذلك كانوا في غاية الإقبال عليه والاشتغال به، فزجرهم عنه؛ ليقبلوا على القرآن، وعلى ذكر الله وعبادته، فمن أخذ من ذلك ما أمر به، لم يضره ما بقي عنده مما سوى ذلك).
ونقل المناوي في (فيض القدير ٥/ ٢٥٩) عن القرطبي قوله: (من غلب عليه الشعر لزمته - بحكم العادة الأدبية - الأوصاف المذمومة، وعليه يحمل الحديث).
وقد حاول الإمام الطبري جاهدا في كتابه (تهذيب الآثار) رد هذا الرأي قائلا: (لو كان هذا صحيحا لكان معناه أن امتلاء القلب من غير الشعر كأساجيع الكهان وخطب الخطباء، حتى لا يكون فيه شيء من كتاب الله ولا من علوم الدين شيء جائز، وهو قول يخرج من قاله من قول جميع الأمة، لإباحته الجهل من أمور الدين، بما لم يبح الله الجهل به).
ثم تابع قائلا:(إن الشعر كلام كسائر الكلام غيره، حسنه حسن وقبيحه قبيح، كما حسن غيره من الكلام حسن، وقبيح غيره من الكلام قبيح، غير أن له - بأنه مؤتلف النظام ومنسق الأوزان - الفضل على غيره من منثور الكلام، ولا يخرجه ذلك عن معنى غيره من الكلام أن يكون سبيله سبيله في أن ما حسن قيله وروايته من غيره حسن منه، وما قبح قيله وروايته من غير قبح منه، فأما الامتلاء من معنى منه حتى لا يخالط القلب غيره من علم القرآن وأمور الدين؛ فإن ذلك محرم من أي المعاني كان ذلك، فلا وجه لأن يخص بذلك الشعر دون غيره)(١).
٣ - ومنهم من ذهب إلى أن المقصود بذلك امتلاء جوف المرء من الشعر الذي هجا به المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحجتهم أن معناه لو كان