للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الامتلاء من جميع أنواع الشعر، لما كان لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن من الشعر لحكمة (١)» معنى معقول، لأن ذلك لو كان شاملا لكل أنواع الشعر، لا على الخاص منه؛ لكان من جوفه ممتلئا من الشعر الذي هو حكمة داخلا في حظيرة الذم.

قالوا: وذلك غير جائز إضافته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن في ذلك إضافة ذم امتلاء القلب من الحكمة إليه.

وقالوا: وقد كان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صحابة لا نشك أن الغالب عليهم الشعر وقيله، وذلك بعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يكن لذلك من أمرهم ذاما، بل كان لهم حامدا، ولهم بقيله آمرا، منهم حسان بن ثابت وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة وغيرهم ممن يكثر عددهم.

وقد احتج بعض هذا الفريق بالحديث الذي رواه مجالد بن سعيد عن الشعبي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا هجيت به، أو قال: من شعر هجائي (٢)» وهو حديث ضعيف. وقال الحافظ في الفتح عنه (١٠/ ٥٤٩): (وفي سنده راو لا يعرف، وأخرجه الطحاوي وابن عدي من رواية الكلبي عن أبي صالح عن أبي هريرة، وابن الكلبي واهي الحديث، وأبو صالح شيخه ما هو الذي يقال له: السمان المتفق على تخريج حديثه في الصحيح عن أبي هريرة، بل هذا آخر ضعيف يقال له: باذان).

وقد ذكر الحافظ الهيثمي هذا الحديث في (مجمع الزوائد ٨/ ١٢٠)


(١) صحيح البخاري الأدب (٦١٤٥)، سنن أبو داود الأدب (٥٠١٠)، سنن ابن ماجه الأدب (٣٧٥٥)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ١٢٥)، سنن الدارمي الاستئذان (٢٧٠٤).
(٢) رواه البيهقي في السنن (١٠/ ٢٤٤)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٢٩٦)، والطبري في تهذيب الآثار (٢٦٧٧)، وذكره العقيلي في الضعفاء (ص٤٣٥)، وابن عدي في الكامل (١/ ٣٤٥)، والمتقي في كنز العمال رقم (٧٩٧٤).