للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي ذهبوا إليه لمدلول آي الذكر الحكيم وصحيح الأثر النبوي الشريف.

قال - رحمه الله -: (وأما الذين أنكروا رواية جميع أصناف الشعر اعتلالا بالأخبار المروية في ذلك عن رسول الله، فإن الأخبار بذلك عن رسول الله واهية الأسانيد، غير جائز الاحتجاج بمثلها في الدين، والصحيح من الأخبار عنه - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ما قدمنا ذكره من أمر حسان وغيره من شعراء أصحابه بهجاء المشركين، وإعلامه إياهم أن لهم على ذلك الثواب الجزيل، واستنشاده إياهم، وتمثله أحيانا من ذلك بالبيت بعد البيت. .).

وقال أيضا: (ويقال لجميع من أنكر قيل الشعر وروايته: أرأيت قول الله جل ثناؤه: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} (١) {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} (٢) {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} (٣) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} (٤) مختلف فيه حكم المستثنى والمستثنى منهم أم متفق؟ فإن زعموا أنه متفق خالفوا في ذلك نص حكم الله تعالى ذكره في كتابه، لأن الله - جل ثناؤه - خالف بين أحكامهم، فأخرج المستثنى من حكم الذين من قبلهم. وإن قالوا: بل هو مختلف. قيل لهم: فقد وضح إذا أن المذموم من الشعراء غير {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} (٥) وأنهم هم الذين صفتهم خلاف هذه الصفة، فأما من آمن منهم وعمل الصالحات وذكر الله كثيرا، فغير مذمومين، بل هو محمودون) (٦).

٤ - ومنهم من يرى أن الذم - في مثل هذه الأحاديث- متوجه إلى الشعر المذموم أصلا في منطق الإسلام وتصوره، ولا يشمل الشعر كافة على أي وجه كان.


(١) سورة الشعراء الآية ٢٢٤
(٢) سورة الشعراء الآية ٢٢٥
(٣) سورة الشعراء الآية ٢٢٦
(٤) سورة الشعراء الآية ٢٢٧
(٥) سورة الشعراء الآية ٢٢٧
(٦) تهذيب الآثار (٢/ ٢٤ - ٣٥).