للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون مذموما، كان كذلك الممتلئ جوفه شعرا غير مستحق أن يكون مذموما، كما غير مذموم المتلئ جوفه خطبا ورسائل، وهي كلها كلام كما الشعر كلام مثلها.

وقالوا: ولا معنى لقول من قال إنما عنى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالذم أن يمتلئ قلب الرجل من الشعر حتى لا يكون فيه شئ سواه من القرآن وعلم الدين، لأن ذلك لو كان معناه لوجب أن يكون من امتلأ جوفه من الخطب والرسائل وأساجيع الكهان حتى لا يكون فيه شيء من القرآن وعلم الدين غير مذموم، باعتبار أن الذم من النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما ورد علينا لمن امتلأ قلبه من الشعر خاصة، وفي إجماع المسلمين على ذم من امتلأ قلبه مما ذكرنا من الأشياء التي عددنا حتى لا يكون فيه شيء من القرآن وعلم الدين، الدليل الواضح على أن معنى قول النبي غير الذي قاله قائل هذه المقالة.

وإذا كان ذلك كذلك، فالصحيح ما قلنا، من أن ذلك كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - في وقتين مختلفين، وقد سقطت حجتهما جميعا، إذ كان لا علم عندنا بالناسخ منها والمنسوخ، وصار الأمر فيه إلى الاستنباط، دل ذلك على أن الشعر لا يختلف عن غيره باعتباره كلاما كسائر الكلام، حسنه حسن كحسن الكلام، وقبيحه قبيح كقبيح الكلام، وكونه مؤتلف النظام منسق الأوزان لا يخرجه عن معنى غيره من الكلام، أن يكون سبيله سبيله، في أن ما حسن قيله وروايته من غيره حسن منه، وما قبح قيله وروايته من غيره قبح منه.

وبعد هذا الاستعراض لمجمل مذاهب العلماء في توجيه أحاديث ذم الشعر والنهي عن قيله وروايته، نخلص إلى أن الشعر- من وجهة النظر الإسلامية - يكون مذموما مرفوضا: