الرجل في الحج إذا كان قد حج عن نفسه، ولا بأس أن يأخذ الجعل على أن يكيل للناس ويزن لهم ويعلمهم القرآن والنحو وما يتأدبون به من الشعر مما ليس فيه مكروه، قال الربيع: سمعت الشافعي يقول: لا تأخذ في الأذان أجرة ولكن خذه على أنه من الفيء.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني:(فصل) ومن له كفاية فليس له أخذ الجعل على الشهادة، لأنه أداء فرض، فإن فرض الكفاية إذا قام به البعض وقع منهم فرضا، وإن لم تكن له كفاية ولا تعينت عليه، حل له أخذه، والنفقة على عياله فرض عين فلا يشتغل عنه بفرض كفاية، فإذا أخذ الرزق يجمع بين الأمرين، وإن تعينت عليه الشهادة احتمل ذلك أيضا واحتمل ألا يجوز؛ لئلا يأخذ العوض عن أداء فرض عين، وقال أصحاب الشافعي: لا يجوز أخذ الأجرة لمن تعينت عليه، وهل يجوز لغيره على وجهين، أهـ (١).
ولن يمنع ذلك أن يقول: إن الكفالة أو الضمان معروف محض غير متمول، يعتمد على الملاءة أو مجرد المنزلة والجاه، فلا يقابل بعوض بخلاف ما ذكر من الحرف، والصناعات، والقضاء، والفتيا ونحو ذلك، فإنها وإن كانت معروفا يستعين به الناس في شئون حياتهم، لكنه ليس معروفا محضا، بل هو أعمال متمولة، فجاز أن تقابل بعوض.
وأقرب ما يكون إلى الضمان والكفالة: الشفاعة، وبذل الجاه لتحقيق مصلحة لأحد، أو دفع مضرة عنه، ولا يجوز أخذ أجرة على الشفاعة وبذل الجاه لنفع الناس.