للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو غيرهم من أهل الاستحقاق ونحو ذلك، وقال: هذا هو المنقول عن السلف والأئمة الكبار، وقد رخص بعض الفقهاء المتأخرين في ذلك وجعل هذا من باب الحمالة يعني من الشافعية، وهذا مع مخالفته للسنة وأقوال الصحابة والأئمة فهو غلط؛ لأن مثل هذا من المصالح العامة التي القيام بها فرض عين أو كفاية، فيلزم من أخذ الجعل فيه ترك الأحق، والمنفعة ليست للباذل بل للناس، وطلب الولاية منهي عنه، فكيف بالعوض؟ فهذا من باب الفساد، انتهى كلامه.

وهذا المعنى الذي احتج به خاص، ويتوجه لأجله قول ثالث وهو معنى كلام ابن الجوزي الآتي، وأما الخبر الذي احتج به فقال أبو داود في سننه (باب الهدية للحاجة) ثم روى عن أبي أمامه مرفوعا: «من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية فقبلها فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا (١)»

من رواية القاسم بن عبد الرحمن، وقد وثقه ابن معين، والعجلي، ويعقوب بن شيبة، والنسوي، والترمذي، وقال أبو حاتم: لا بأس به، وقال الجوزجاني: كان خيرا فاضلا، وتكلم فيه أحمد، وابن حبان، وقال ابن (٢) خراش: ضعيف جدا، وقال ابن الجوزي: ضعيف بمرة واحدة، ورواه أحمد من رواية ابن لهيعة، وضعفه مشهور.

وفي صحته نظر، وكيف يكون هذا بابا عظيما من الربا ثم يحمل على شفاعة متعينة لا سيما في ولاية أو على قصد القربة، ولهذا رتب الهدية على الشفاعة، ورأيت تعليقا على خلاف القاضي على النسخة العتيقة لابن تيمية وعليها خط جماعة من أصحابنا، منهم الحسن بن أحمد بن البنا نسخة سنة سبع وعشرين وأربعمائة، رأيت على المجلدة الأخيرة: لا يجوز أخذ العوض في مقابلة الدفع عن المظلوم.

ثم ذكر رواية أبي الحارث السابقة، وقال: فإذا كره ذلك فيما لا يجب عليه فعله فأولى


(١) سنن أبو داود البيوع (٣٥٤١)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٢٦١).
(٢) في المصرية: جراش بالجيم.