للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزجاج وهيا عظيما ولا يرتفع، لأنه إن كان لا يعلم ما في باطن ما قد حكاه عن نفسه فهذا جهل بمعرفة الشرع، وإن كان يعرف فحكايته في غاية القبح، فنعوذ بالله من قلة الفقه، انتهي كلامه.

ولنا خلاف مشهور في أخذ الأجرة والجعالة على تحمل الشهادة وأدائها والتفرقة، فغاية الشفاعة كذلك.

ونص أحمد رضي الله عنه " على أنه لو قال: اقترض لي مائة ولك عشرة أنه يصح، قال أصحابنا: لأنه جعالة على فعل مباح، وقال: يجوز للإمام أن يبذل جعلا لمن يدل على ما فيه مصلحة للمسلمين، وأن المجعول له يستحق الجعل مسلما كان أو كافرا، وقاسوه على أجرة الدليل ".

وأما ما يروى عن ابن مسعود وسئل عن السحت، فقال: أن تشفع لأخيك شفاعة فيهدي لك هدية فتقبلها، فقيل له: أرأيت إن كان هدية في باطل؟ فقال: ذلك كفر {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (١).

ففي صحته نظر والمعروف عنه، وإنما السحت أن يستعينك على مظلمة فيهدي لك فلا تقبل، ثم يجاب عنه بما سبق، والله سبحانه أعلم، أهـ.

وأيضا قد يكون فيه ربا، وذلك فيما إذا غرم الكفيل مالا عن مكفوله، ثم استوفى عنه ما غرمه، فإن ما أخذه من الأجر يكون زيادة، وهذه الزيادة ربا.

وممن ذكر المنع من الحنفية أبو محمد البغدادي في مجمع الضمانات.

قال رحمه الله (٢): ولو كفل بمال على أن يجعل الطالب له جعلا، فإن لم يكن مشروطا في الكفالة؛ فالشرط باطل، وإن كان مشروطا في الكفالة، فالكفالة باطلة، أهـ.

وممن قال بالمنع أيضا المالكية:

قال الشيخ أحمد الدردير -رحمه الله- في شرحه الكبير لمختصر خليل (٣):


(١) سورة المائدة الآية ٤٤
(٢) صـ ٣٨٣ من مجمع الضمانات.
(٣) صـ ٣٠٦ - ٣٠٧ من جـ ٣.