للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قوله سبحانه: {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} (١) فهو إخبار عنها حال وقوعها بدليل قوله: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} (٢) لا شك أن ذلك لا يكون إلا يوم القيامة ولو قدر وجودها في حال العدم لكان المعنى شيء مقدر في علم الله وقوعه.

وأما قوله جل شأنه: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (٣) فإنما سمي شيئا حال إرادته موجودا ولم يرد أن المعدوم شيء حال عدمه والله قد أخبر أن المعدوم نفسه يراد ويكون وأما القول بأن ماهية الشيء في الذهن هي عين وجوده فليس بصحيح لأن الموجود الذهني مشترك بين أفراده وأما الوجود العيني في الخارج فهو معين مشخص وإذا ظهر الفرق بينهما بطل القول بكون كل واحد منهما هو الآخر فإن ثبوت الأشياء في العلم والكتاب والكلام ليس هو عين الثبوت في خارج الذهن وإن كان هو شيئا في الذهن فإذا علمت حقيقة شيء في ذهنك فإنه لا يلزم أن يكون موجودا وجوده خارج الذهن مطابق له فإن الذهن يتصور الممتنعات التي لا وجود لها في خارجه فليست بشيء باتفاق العقلاء (٤).

وفي حديث الترمذي عن أبي حارثة عن أبيه «أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رقى نسترقيها ودواء نتداوى به هل ترد من قضاء الله شيئا قال هي من قدر الله (٥)».

وإنما يثبت في القدر المعدوم الذي سيكون وأما المعدوم الممكن الذي


(١) سورة الحج الآية ١
(٢) سورة الحج الآية ٢
(٣) سورة النحل الآية ٤٠
(٤) انظر مجموعة المسائل والرسائل (٤/ ١٤ / ١٥).
(٥) سنن الترمذي القدر (٢١٤٨)، سنن ابن ماجه الطب (٣٤٣٧).