للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لله وجودا خارجا عن المخلوقات وأنه قاض عليها فيكون فيه اعتراف بوجود رب قائم بنفسه غني عن خلقه وإن كان فيه كفر من جهة جعله للخالق عين المخلوق.

وأما على ما ذهب إليه الفخر الرومي فوجود الخالق هو الوجود المطلق الساري في الموجودات المعنية، ومما علم بضرورة العقل أن الوجود المطلق لا يكون في خارج الذهن أبدا باتفاق العقلاء فآل مذهبه إلى إنكار وجود الذات الإلهية لأن المطلق ليس له وجود مطلق في الخارج بل ليس له إلا وجود معين (١) قال ابن تيمية: (وأما في الخارج عن ذلك -أي العلم واللسان- فما ثم شيء موجود في الخارج شيئين) (٢) بل الموجودات معينة بصفاتها الخاصة بها فما ثم إلا هو مخصوص معين بما يميزه عما سواه.

كما أن ابن عربي يقول بوجود زائد على الماهية وأما الفخر الرومي فليس في الوجود زيادة على الماهية.

المقالة الثالثة للحلولية مقالة التلمساني: (أنه لا فرق بين ماهية ووجود ولا بين مطلق ومعين بل عنده ما ثم سواه ولا غيره بوجه من الوجوه وإنما الكائنات أجزاء منه وأبعاض له بمنزلة أمواج البحر في البحر وآخر البيت من البيت ومن شعرهم:

البحر لاشك عندي في توحده ... وإن تعدد بالأمواج والزبد

فلا يغرنك ما شاهدت من صور ... فالواحد الرب ساري العين في العدد (٣)

وهذا القول أشدا كفرا وزندقة من القولين السابقين فإن صاحب هذا القول لا يفرق بين المظاهر والظاهر ولا الكثرة والتفرقة إلا في الذهن لأنه محجوب عن الحقيقة فلما انكشفت له تبين له أنه لم يكن غير الله والرائي عين


(١) انظر مجموعة المسائل والرسائل (٤/ ٢٣، ٢٦).
(٢) انظر مجموعة المسائل والرسائل (٤/ ٢٣، ٢٦).
(٣) انظر مجموعة المسائل والرسائل (٤/ ٢٣، ٢٦).