للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن حجر في فتح الباري

عند تفسير (١) قوله تعالى: وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم الآية: أشار البخاري بذكر هذه الآية بذلك إلى الاحتجاج بهذه القصة في صحة الحكم بالقرعة، بناء على أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا لم يرد في شرعنا ما يخالفه، ولا سيما إذا ورد في شرعنا ما يقرره، وساقه مساق الاستحسان والثناء على فاعله، وهذا منه. اهـ.

وقال في تفسير قوله تعالى: فساهم فكان من المدحضين: والاحتجاج بهذه الآية في إثبات القرعة يتوقف على أن شرع من قبلنا شرع لنا، وهو كذلك ما لم يرد في شرعنا ما يخالفه، وهذه المسألة من هذا القبيل؛ لأنه كان في شرعهم جواز إلقاء البعض لسلامة البعض، وليس ذلك في شرعنا؛ لأنهم مستوون في عصمة الأنفس، فلا يجوز إلقاؤهم بقرعة ولا بغيرها. اهـ.

وقال: (٢) والمشهور عن الحنفية والمالكية عدم اعتبار القرعة، قال عياض: هو مشهور عن مالك وأصحابه؛ لأنه من باب الخطر والقمار، وحكي عن الحنفية إجازتها اهـ. وقد قالوا به في مسألة الباب. واحتج من منع من المالكية بأن بعض النسوة قد تكون أنفع في السفر من غيرها، فلو خرجت القرعة للتي لا نفع بها في السفر لأضر بحال الرجل، وكذا بالعكس قد يكون بعض النساء أقوم ببيت الرجل من الأخرى. وقال القرطبي: ينبغي أن يختلف ذلك باختلاف أحوال النساء، وتختص مشروعية القرعة بما إذا اتفقت أحوالهن؛ لئلا تخرج واحدة معه فيكون ترجيحا بغير مرجح اهـ. وفيه مراعاة للمذهب، مع الأمن من رد الحديث أصلا لحمله على التخصيص، فكأنه خصص العموم بالمعنى.

قال ابن حجر في فتح الباري (٣)

مشروعية القرعة مما اختلف فيه، والجمهور على القول بها في الجملة، وأنكرها بعض الحنفية، وحكى ابن المنذر عن أبي حنيفة القول بها، وجعل المصنف ضابطها الأمر المشكل، وفسرها غيره بما ثبت فيه الحق لاثنين فأكثر، وتقع المشاحة فيه فيقرع لفصل النزاع.


(١) باب القرعة في المشكلات ج٥ من فتح الباري
(٢) باب القرعة بين النساء ج٩ من فتح الباري
(٣) باب القرعة في المشكلات من ج ٥ من فتح الباري