للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا لاستهموا عليه (١)».

* وفي الصحيحين أيضا عن عائشة: أن «النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أراد سفرا أقرع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه (٢)»، وفي صحيح مسلم عن عمران بن حصين: «أن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته، لم يكن له مال غيرهم، فدعاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجزأهم أثلاثا، ثم أقرع بينهم، فأعتق اثنين، وأرق أربعة، وقال له قولا شديدا (٣)».

* وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «عرض على قوم اليمين، فسارعوا إليه، فأمر أن يسهم بينهم في اليمين: أيهم يحلف (٤)»، وفي سنن أبي داود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أكره اثنان على اليمين، أو استحباها، فليسهما عليها (٥)»، وفي رواية أحمد: «إذا أكره اثنان على اليمين أو استحباها (٦)». وفيه أيضا «أن رجلين اختصما في متاع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس لواحد منهما بينة، فقال: استهما على اليمين ما كان، أحبا ذلك أو كرها (٧)».

* وفي الصحيحين عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت: «أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلان يختصمان في مواريث لهما، لم تكن لهما بينة إلا دعواهما، فقال: إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذ منه شيئا، فإنما أقطع له قطعة من النار (٨)». ورواه أبو داود في السنن وفيه: «فبكى الرجلان، وقال كل واحد منهما: حقي لك، فقال لهما النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما إذا فعلتما ما فعلتما فاقتسما، وتوخيا الحق، ثم استهما، ثم تحالا (٩)».

* فهذه السنة - كما ترى - قد جاءت بالقرعة، كما جاء بها الكتاب، وفعلها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعده، قال البخاري في صحيحه: ويذكر أن قوما اختلفوا في الأذان، فأقرع بينهم سعد. وقد صنف أبو بكر الخلال مصنفا في القرعة، وهي في جامعه، فذكر مقاصده.

* قال أحمد في رواية إسحاق بن إبراهيم وجعفر بن محمد: القرعة جائزة. وقال يعقوب بن بختان: سئل أبو عبد الله عن القرعة، ومن قال: إنها قمار. قال: إن كان ممن سمع الحديث فهذا كلام رجل سوء يزعم أن حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قمار.

* قال المروذي: قلت لأبي عبد الله: إن ابن أكثم يقول: إن القرعة قمار، قال: هذا قول رديء خبيث، ثم قال: كيف؟ وقد يحكمون هم بالقرعة في وقت إذا قسمت الدار، ولم يرضوا، قالوا: يقرع بينهم، وهو يقول: لو أن رجلا له أربع نسوة فطلق إحداهن، وتزوج خامسة، ولم يدر أيتهن التي طلق؟ قال: يورثهن جميعا، ويأمرهن أن يعتددن جميعا، وقد ورث من لا ميراث لها، وقد أمر أن تعتد من لا عدة عليها، والقرعة تصيب


(١) صحيح البخاري الأذان (٦١٥)، صحيح مسلم الصلاة (٤٣٧)، سنن الترمذي الصلاة (٢٢٥)، سنن النسائي الأذان (٦٧١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٠٣)، موطأ مالك النداء للصلاة (٢٩٥).
(٢) صحيح البخاري الشهادات (٢٦٦١)، صحيح مسلم كتاب التوبة (٢٧٧٠)، سنن أبو داود النكاح (٢١٣٨)، سنن ابن ماجه النكاح (١٩٧٠)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٩٨)، سنن الدارمي الجهاد (٢٤٢٣).
(٣) صحيح مسلم الأيمان (١٦٦٨)، سنن الترمذي الأحكام (١٣٦٤)، سنن النسائي الجنائز (١٩٥٨)، سنن أبو داود العتق (٣٩٥٨)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٣٤٥)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٤٣١)، موطأ مالك العتق والولاء (١٥٠٦).
(٤) صحيح البخاري الشهادات (٢٦٧٤)، سنن أبو داود الأقضية (٣٦١٦)، سنن ابن ماجه كتاب الأحكام (٢٣٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٨٩).
(٥) صحيح البخاري الشهادات (٢٦٧٤)، سنن أبو داود الأقضية (٣٦١٧)، سنن ابن ماجه كتاب الأحكام (٢٣٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٥٢٤).
(٦) سنن أبو داود الأقضية (٣٦١٧)، سنن ابن ماجه كتاب الأحكام (٢٣٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٥٢٤).
(٧) سنن أبو داود الأقضية (٣٦١٦)، سنن ابن ماجه كتاب الأحكام (٢٣٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٥٢٤).
(٨) صحيح البخاري الحيل (٦٩٦٧)، صحيح مسلم الأقضية (١٧١٣)، سنن النسائي آداب القضاة (٥٤٠١)، سنن أبو داود الأقضية (٣٥٨٣)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٣١٧)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٢٠)، موطأ مالك الأقضية (١٤٢٤).
(٩) صحيح البخاري المظالم والغصب (٢٤٥٨)، صحيح مسلم الأقضية (١٧١٣)، سنن الترمذي الأحكام (١٣٣٩)، سنن النسائي كتاب آداب القضاة (٥٤٢٢)، سنن أبو داود الأقضية (٣٥٨٣)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٣١٧)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٢٠)، موطأ مالك الأقضية (١٤٢٤).