للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجل مسمى قد أحله الله في كتابه وأذن فيه، ثم قرأ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (١) وأخرجه الحاكم من هذا الوجه وصححه، وروى ابن أبي شيبة من وجه آخر عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لا يسلف إلى العطاء ولا إلى الحصاد واضرب أجلا. ومن طريق سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس بلفظ آخر سيأتي. وأما قول أبي سعيد فوصله عبد الرزاق من طريق نبيح بنون وموحدة ومهملة مصغر، وهو العنزي بفتح المهملة والنون ثم الزاي، الكوفي عن أبي سعيد الخدري قال: (السلم بما يقوم به السعر ربا، ولكن أسلف في كيل معلوم إلى أجل معلوم). وأما قول الحسن فوصله سعيد بن منصور من طريق يونس بن عبيد عنه (أنه كان لا يرى بأسا بالسلف في الحيوان، إذا كان شيئا معلوما إلى أجل معلوم). وأما قول الأسود فوصله ابن أبي شيبة من طريق الثوري عن أبي إسحاق عنه، قال: (سألته عن السلم في الطعام فقال: لا بأس به. كيل معلوم إلى أجل معلوم). ومن طريق سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس قال: (إذا سميت في السلم قفيزا وأجلا فلا بأس) وعن شريك عن أبي إسحاق عن الأسود مثله. واستدل بقول ابن عباس الماضي (لا تسلف إلى العطاء) لاشتراط تعيين وقت الأجل بشيء لا يختلف، فإن زمن الحصاد يختلف ولو بيوم، وكذلك خروج العطاء، ومثله قدوم الحاج، وأجاز ذلك مالك، ووافقه أبو ثور، واختار ابن خزيمة من الشافعية تأقيته إلى الميسرة، واحتج بحديث عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى يهودي: ابعث لي ثوبين إلى الميسرة، (٢)» وأخرجه النسائي، وطعن ابن المنذر في صحته بما وهم فيه، والحق أنه لا دلالة فيه على المطلوب؛ لأنه ليس في الحديث إلا مجرد الاستدعاء، فلا يمتنع أنه إذا وقع العقد قيد بشروطه، ولذلك لم يصف الثوبين.

قوله: (وقال ابن عمر: لا بأس في


(١) سورة البقرة الآية ٢٨٢
(٢) سنن الترمذي البيوع (١٢١٣)، سنن النسائي البيوع (٤٦٢٨)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٤٧).