وتعد في التقيد ببعض المقتضيات الشرعية أمرا أو نهيا، فإذا لم يكن تعديه موجبا لخروجه من ملة الإسلام، فإن تجاوزه وتعديه لا يعفيه من القيام بالفرائض الأخرى، وعليه إثم تجاوزه وتقصيره وتعديه، فهو مؤمن بإيمانه فاسق بعصيانه.
فجمهور أهل العلم قالوا بتأثيم من يمتلك حليا محرما كالأواني الذهبية والفضية، ومع ذلك قالوا بوجوب الزكاة فيها، وإن كانت معدة للقنية، وإذا كان من أهداف الزكاة تطهير دافعها من الإثم وسوء الأخلاق، وتنمية المال بإخراجها منه، فالمصر على التمسك بالمال الحرام والاستمرار في الاستزادة منه ليس أهلا لتطهيره من الآثام، وليس ماله الحرام أهلا ليسير نمائه وزيادته.
إذا كان من أهداف الزكاة التطهير والنماء وليس ذلك متحققا في المال الحرام فإن من أهداف الزكاة تعلق حقوق الفقراء في الأموال الزكوية مما بيد إخوانهم المسلمين، وهذا الهدف قد يكفي وحده باستقرار وجوب الزكاة في هذا المال، ولو كان حراما بوصفه، حيث إن جمهور العلماء يقولون بالتخلص من هذا المال الحرام بإنفاقه في وجوه الخير، فإخراج الزكاة منه يعتبر أدنى وجوه التخلص، والله أعلم، وقد قال بإخراج الزكاة منه من المعاصرين فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه "فقه الزكاة" حيث قال:
أما السندات فيقول الشيخ " السند صك بمديونية البنك أو الشركة أو الحكومة لحامله بمبلغ محدود بفائدة معينة - إلى أن قال - وهذا القول يتعين الأخذ به للسندات خاصة؛ لأنها ديون لها خصوصية تميزها عن الديون التي عرفها الفقهاء؛ لأنها تنمي وتجلب للدائن فائدة، وإن كانت محظورة فإن حظر هذه الفائدة لا يكون سببا لإعفاء صاحب السند من الزكاة؛ لأن ارتكاب