للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحلفون معه لم يكن له ما يرجع إليه في تبرئة نفسه (١).

قال الباجي: مسألة: فإن كان ولاة الدم اثنين حلف كل رجل منهم خمسا وعشرين يمينا، وليس لأحدهما أن يتحمل عن صاحبه شيئا من الأيمان، قال ابن المواز عن ابن القاسم: ووجه ذلك أنه لا يجوز أن يحلف أحد في العمد أكثر من خمس وعشرين يمينا، قال ابن المواز عن ابن الماجشون: ولهما أن يستعينا بمن أمكنهما من العصبة، ويبدأ بيمين الأقرب فالأقرب، يحلفون بقدر عددهم مع المعينين، فإن حلف الأولياء أكثر مما ينوبهم في العدد مع المعينين جاز ذلك، وإن حلف المعينون أكثر لم يجز ذلك.

ووجه ذلك عندي أنه نوع من النكول.

وأما إذا تساووا على حسب العدد، أو كانت أيمان الولاة أكثر فإنها على وجه العون للولاة، ولو حلف أحد الوليين خمسا وعشرين ثم استعان الآخر بأربعة وعشرين من العصبة لم يجزه أن يحلف إلا ثلاثة عشر يمينا؛ لأن المعينين تتوجه معونتهم إليه وإلى صاحبه، كما لو حلفوا قبل أن يحلف الولي الأول.

قال الباجي: مسألة: فإن كان ولي الدم واحدا جاز له أن يستعين من العصبة بواحد وأكثر من ذلك ما بينه وبين خمسين رجلا.

والأصل في ذلك ما روى أبو قلابة «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال للحارثيين اللذين ادعيا على اليهود: " أتحلفون وتستحقون الدية بأيمان خمسين منكم (٢)» فكان الظاهر أن هذا العدد لا يزاد عليه؛ لأن عدد الأنصار كان أكثر من ذلك، وتكون الأيمان بينهم على ما تقدم من التفسير.

وقال مالك: القسامة في قتل الخطأ يقسم الذين يدعون الدم ويستحقون بقسامتهم يحلفون خمسين يمينا تكون على قسم مواريثهم من الدية، فإن كان في الأيمان كسور إذا قسمت بينهم نظر إلى الذي يكون عليه أكثر تلك الأيمان إذا قسمت فيجبر عليه تلك اليمين.

قال الباجي: وهذا على ما قال إن ولاة الدم الذين يدعون الدم يقسمون في قتل الخطأ مع الشاهد على القتل.

قال أشهب: وكذلك إن قال: دمي عند فلان قتلني خطأ. وقال عبد الملك: ويؤخذ في ذلك بشهادة النساء فيمن علم الناس بموته، وقال ابن المواز: اختلف قول مالك في القسامة على قول القتيل في الخطأ. وقال عيسى بن دينار: أخبرني من أثق به أن قول مالك في الغريم: لا يقسم في الخطأ بقول الميت، ثم رجع فقال: يقسم مع قوله. قال القاضي أبو محمد: وجه القول الأول أنه يتهم أن يريد غنى ولده وحرمة الدم أعظم.

ووجه القول الذي رجع إليه أنه معنى يوجب القسامة في العمد فأوجبها في الخطأ كالشاهد العدل.

" فرع " فإذا قلنا إنه يقسم مع قول القتيل فإنه يقسم مع قول المسخوط والرجال والنساء ما لم يكن صغيرا


(١) المنتقى على الموطأ ج٧ ص ٥٩.
(٢) صحيح البخاري الديات (٦٨٩٩).