للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو عبدا أو ذميا (١).

قال الباجي: وقوله: "يحلفون خمسين يمينا" علق ذلك بالعدد؛ لأنها قسامة في دم، فاختصت بالخمسين كالعمد، ولهذا المعنى يبدأ فيها المدعون، وتكون الأيمان على الورثة إن كانوا يحيطون بالميراث على قدر مواريثهم، فإن كان في الأيمان كسر فالقسامة على أكثرهم حظا منها، قاله مالك في المجموعة.

قال عبد الملك: لا ينظر إلى كثرة ما عليه من الأيمان، وإنما ينظر إلى أكثر تلك اليمين، قال ابن القاسم: فإن كان على أحدهم نصفها وعلى الآخر ثلثها وعلى الآخر سدسها جبرت على صاحب النصف، وإن كان الوارث لا يحيط بالميراث فإنه لا يأخذ حصة من الدية حتى يحلف خمسين يمينا (٢).

قال مالك: فإن لم يكن للمقتول ورثة إلا النساء فإنهن يحلفن ويأخذن الدية، فإن لم يكن له وارث إلا رجل واحد حلف خمسين يمينا وأخذ الدية، وإنما يكون ذلك في قتل الخطأ ولا يكون في قتل العمد (٣).

قال الباجي: وهذا على ما قال أن حكم القسامة في قتل الخطأ غير حكمها في قتل العمد؛ لأنها لما اختصت القسامة في الخطأ بالمال كان ذلك للورثة رجالا كانوا أو نساء قل عددهم أو كثر، ولا يحلف في ذلك إلا وارث، وأما قتل العمد فإن مقتضاه القصاص، وإنما يقوم به العصبة من الرجال؛ فلذلك تعلقت الأيمان بهم دون النساء.

قال الأبي "ع": والأيمان في القسامة خمسون لا ينقص منها؛ لنص الحديث، يحلفها في الخطأ الورثة، فإذا لم تكن إلا امرأة لم تأخذ فرضها حتى تحلف الخمسين، وكذلك إن لم تكن الورثة إلا نساء فإنهن لا يأخذن فرضهن حتى يحلفن الخمسين يمينا، وإن كانت الورثة جماعة وزعت الأيمان على قدر المواريث.

قال الأبي: قلت: وإنما وزعت كذلك لأن الأيمان هي السبب في حصول الدية، فتوزع كما توزع الدية، فإن انكسرت منها يمين أو أكثر فإن استوت الأجزاء أكملت اليمين على كل واحد من المنكسر عليهم، وإن اختلفت كما لو كان الوارث ابنا وابنة فالمشهور أنه إنما تكمل اليمين على صاحب الجزء الأكبر، وقيل: تكمل على كل واحد من المنكسر عليهم (٤).

قال الأبي "ع": فإن لم يحضر من الورثة إلا واحد وغاب الباقون لم يأخذ الحاضر نصيبه حتى يحلف الخمسين يمينا، فإذا قدم الغائب لم يأخذ حظه من الميراث حتى يحلف نصيبه من الأيمان، ولا يكتفى بحلف الحاضر (٥).


(١) المنتقى على الموطأ ج٧ ص٦٣.
(٢) المنتقى على الموطأ ج٧ ص٦٣ - ٦٤.
(٣) الموطأ وعليه المنتقى ج٧ ص٦٤.
(٤) الأبي ج٤ ص٣٩٥ - ٣٩٦.
(٥) الأبي ج٤ ص٣٩٦.