للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عبد العزيز أن النبي -صلى الله عليه وسلم- «قضى في القسامة أن يحلف الأولياء، فإن لم يكن عدد يبلغ الخمسين، ردت الأيمان عليهم، بالغا ما بلغوا». اهـ.

أثر عن أبي بكر رواه الواقدي في " كتاب الردة " حدثني الضحاك بن عثمان الأسدي عن المقبري، عن نوفل بن مساحق العامري، عن المهاجر بن أبي أمية، قال: كتب إلي أبو بكر: أن افحص لي عن داودي، وكيف كان أمر قتله، إلى أن قال: فكتب أبو بكر إلى المهاجر: أن ابعث إلي بقيس بن مكشوح في وثاق، فبعث به إليه في وثاق، فلما دخل عليه جعل قيس يتبرأ من قتل داودي، ويحلف بالله ما قتله، فأحلفه أبو بكر خمسين يمينا عند منبر النبي -صلى الله عليه وسلم- مردودة عليه، بالله ما قتله، ولا يعلم له قاتلا، ثم عفا عنه أبو بكر، مختصر. . . وهو بتمامه في قصة الأسود العنسي (١).

ثم قال الزيلعي (قوله: وعن شريح، والنخعي مثل ذلك)؛ قلت: حديث شريح رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث، عن ابن سيرين، بلغ عن شريح، قال: جاءت قسامة، فلم يوفوا خمسين، فردد عليهم القسامة حتى أوفوا. انتهى.

حدثنا وكيع، ثنا سفيان عن هشام، عن ابن سيرين، عن شريح، قال: إذا كانوا أقل من خمسين رددت عليهم الأيمان. انتهى.

وحديث النخعي رواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا الثوري عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: إذا لم تبلغ القسامة، كرروا حتى يحلفوا خمسين يمينا. انتهى.

ورواه ابن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن الشيباني، عن حماد، عن إبراهيم، نحوه سواء. انتهى.

٢ - قال الباجي: "فصل": وقوله: "فإن لم يبلغوا -أي المدعى عليهم- خمسين رجلا ردت عليهم الأيمان، يحتمل أن يريد به إن لم يكن من يجوز أن يحلف من أولياء القاتل من يبلغ خمسين رجلا، يريد وكان من وجد منهم اثنان فزائد ردت الأيمان على من وجد منهم حتى يستوفوا خمسين يمينا، قال ابن الماجشون في الواضحة: لهم أن يستعينوا بولاتهم وعصبتهم وعشيرتهم كما كان ذلك لولاة المقتول، وقاله المغيرة، وأصبغ، وقال مطرف عن مالك: لا يجوز للمدعى عليهم واحدا كانوا أو جماعة أن يستعينوا بمن يحلف معهم كما يفعل ولاة المقتول؛ لأنهم إنما يبرئون أنفسهم. وقد تقدم ذكره، ويحتمل أن يريد به: فإن لم يبلغ الذين تطوعوا بالأيمان معه خمسين رجلا؛ لأن غيره ممن كان يصح أن يحلف معه أبوا من ذلك فإن الخمسين يمينا ترد على من تطوع بذلك.

قال الباجي: " فصل ": وقوله: فإن لم يجد المدعى عليه القتل من يحلف معه حلف وحده خمسين يمينا، وبرئ، والفرق بين الأيمان والحالفين أن الأيمان لا ضرورة تدعو إلى التبعيض فيها عن العدد المشروع، وقد يعدم في الأغلب عدد الحالفين (٢).


(١) نصب الراية ج٤ ص٣٩٦.
(٢) المنتقى ج٧ ص ٦٠ - ٦١.