للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليهم من عدم الفقه والبصيرة إلا إذا نقلتهم منه إلى ما هو أحب إلى الله ورسوله كالرمي والسباق المشروع، وإذا رأيت الفساق قد اجتمعوا على لهو أو سماع مكاء وتصدية فإن نقلتهم عنه إلى طاعة الله فهو المراد، وإلا كان تركهم على ذلك خيرا من أن تفرغهم لما هو أعظم من ذلك؛ لأن ما هم فيه شاغل لهم عن ذلك. روي عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه مر مع بعض أصحابه في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر، فأنكر عليهم من كان معه، فأنكر عليه وقال له: (إنما حرم الله الخمر؛ لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس، وسبي الذرية وأخذ الأموال فدعهم) (١).

قال في مراقي السعود:

وارتكب الأخف من ضرين ... وخيرن لدى استوى هذين

والعلماء أجمعوا على ارتكاب أخف الضررين (٢).

لهذا يجب على المنكر أن يراعي ارتكاب أخف الضررين عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجماع ذلك داخل في القاعدة العامة فيما إذا تعارضت المصالح والمفاسد، والحسنات والسيئات، أو تزاحمت فإنه يجب ترجيح الراجح منها؛ لأن الأمر والنهي، وإن كان متضمنا تحصيل مصلحة، ودفع مفسدة إلا أنه ينبغي أن ينظر إلى المعارض له.

فإن كان الذي يفوت من المصالح أو يحصل من المفاسد أكثر، لم يكن


(١) إعلام الموقعين، ج٣ ص٥.
(٢) أضواء البيان، ج ٢ ص ١٧٥