للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مأمورا به، بل يكون محرما إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته.

والمعتبر في تقدير مقادير المصالح والمفاسد هو ميزان الشريعة. فإن كان المعروف أكثر أمر به، وإن استلزم وجود ما هو دونه من المنكر، ومن ثم فلا ينه عن هذا المنكر حتى لا يفوت المعروف الأعظم منه، بل يكون النهي حينئذ من باب الصد عن سبيل الله، والسعي في زوال طاعته وطاعة رسوله، وزوال فعل الحسنات، أما إن كان المعروف أقل والمنكر أغلب، نهي عنه، وإن استلزم فوات ما هو دونه من المعروف، وإن خالف وأمر بهذا المعروف المستلزم لوجود ما هو زائد عليه من المنكر كان آمرا بمنكر وساعيا في معصية الله ورسوله (١).

حكى القاضي أبو يعلى روايتين عن أحمد في وجوب إنكار المنكر على من يعلم أنه لا يقبل منه، وصح القبول بوجه وهذا قول أكثر العلماء (٢).

وهو من المعذرة التي أخبر الله تعالى فيها عن الذين أنكروا على المعتدين في السبت أنها قالوا لمن قال لهم: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (٣) (٤). لكن ورد ما يستدل به على سقوط الأمر والنهي عند عدم القبول والانتفاع به، فعن أبي ثعلبة الخشني أنه قيل له: كيف تقول في هذه الآية:


(١) انظر الحسبة لابن تيمية، ص ١٢٢، ١٢٣.
(٢) انظر جامع العلوم والحكم، ص ٢٨٣.
(٣) سورة الأعراف الآية ١٦٤
(٤) وانظر جامع العلوم والحكم، ص ٢٨٣