للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي قلابة بأن القتل لا يشرع إلا في الثلاث لرد القود بالقسامة مع أن القود قتل نفس بنفس وهو أحد الثلاثة وإنما النزاع في الطريق إلى ثبوت ذلك (١).

وأما قول أبي قلابة (وقد كان في هذا سنة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «دخل عليه نفر من الأنصار فتحدثوا عنده فخرج رجل منهم بين أيديهم فقتل فخرجوا بعده فإذا هم بصاحبهم يتشحط في الدم فرجعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله صاحبنا كان تحدث معنا فخرج بين أيدينا فإذا نحن به يتشحط في الدم فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: من تظنون أو ترون قتله؟، قالوا: نرى أن اليهود قتلته فأرسل إلى اليهود فدعاهم، فقال: أنتم قتلتم هذا؟، قالوا: لا، قال: أترضون نفل خمسين من اليهود ما قتلوه؟ فقالوا: ما يبالون أن يقتلونا أجمعين ثم ينتفلون قال: فتستحقون الدية بأيمان خمسين منكم؟ قالوا: ما كنا لنحلف فوداه من عنده قلت وقد كانت هذيل خلعوا خليعا لهم في الجاهلية فطرق أهل بيت من اليمن بالبطحاء فانتبه له رجل منهم فحذفه بالسيف فقتله فجاءت هذيل فأخذوا اليماني فرفعوه إلى عمر بالموسم (٢)» إلخ. فقد أجاب البيهقي عن ذلك بقوله (وحديثه أي أبي قلابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في القتيل مرسل، وكذلك عن عمر - رضي الله عنه - في قصة الهذلي (٣).

* * *

ومما استدلوا به من السنة ما رواه أبو داود في المراسيل عن هارون بن زيد عن أبي الزرقاء عن أبيه عن محمد بن راشد بن مكحول أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقض في القسامة بقود ومن هذا الطريق أخرجه البيهقي في باب ترك القود بالقسامة، وقال: أخبرنا محمد بن محمد أنبأنا الفسوي ثنا اللؤلئي ثنا أبو داود فذكره (٤).

والجواب عن هذا الحديث أنه منقطع قال ابن القيم: وأما حديث محمد بن راشد المكحولي يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقض في القسامة بقود فمنقطع (٥). وما رواه أحمد وأبو داود الطيالسي وإسحاق بن راهويه والبزار في مسانيدهم والبيهقي في سننه من طريق أبي إسرائيل الملائي واسمه إسماعيل بن إسحاق عن عطية عن أبي سعيد الخدري «أن قتيلا وجد بين حيين فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقاس إلى أقربهما فوجد أقرب إلى أحد الحيين بشبر قال الخدري: كأني أنظر إلى شبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فألقى ديته عليهم (٦)» ورواه ابن عدي والعقيلي في


(١) فتح الباري ج ١٢ ص ٢٠٤.
(٢) صحيح البخاري الديات (٦٨٩٩).
(٣) السنن الكبرى ج ٨ ص ١٢٩.
(٤) السنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ١٢٩.
(٥) تهذيب سنن أبي داود ج ٦ ص ٣٥٢.
(٦) مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٨٩).