للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى الشعبي قال: وجد قتيل بين حيين من العرب فقال عمر: قيسوا ما بينهما فأيهما وجدتموه إليه أقرب فحلفوهم خمسين يمينا وأغرموهم الدية، وأخرجه الشافعي عن سفيان بن عيينة عن منصور عن الشعبي أن عمر كتب في قتيل وجد بين خيوان ووادعة أن يقاس ما بين القريتين فإلى أيهما كان أقرب أخرج إليه منهم خمسون رجلا حتى يوافوه مكة فأدخلهم الحجر فأحلفهم ثم قضى عليهم الدية فقال: حقنت أيمانكم دماءكم ولا يطل دم رجل مسلم (١).

وروى عبد الرزاق عن عمرو وغيره عن الحسن قال: يستحقون بالقسامة الدية ولا يستحقون الدم (٢). ومن ذلك ما رواه عبد الرزاق عن معمر قال: قلت لعبد الله بن عمر العمري: أعلمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقاد بالقسامة؟ قال: لا، قلت: فأبو بكر؟ قال: لا، قلت فعمر؟ قال: لا، قلت فلم تجترئون عليها؟ فسكت (٣). والجواب عنه أولا: أنه لا معارض بما أخرجه أبو عوانة في صحيحه وأصله عند الشيخين من طريق حماد بن زيد عن أيوب وحجاج الصواف عن أبي رجاء أن عمر بن عبد العزيز استشار الناس في القسامة فقال قوم: هي حق قضى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقضى بها الخلفاء. وثانيا: أن من قال: إنه قضى بها مثبت، ومن قال: لم يقض بها ناف والمثبت معه زيادة علم فيقدم على النافي. وثالثا: كونه لا يعلم لا يلزم منه عدم الوقوع فعدم علمه ليس بدليل. ورابعا: هو معلول بالإرسال قال ابن حزم: لا يصح؛ لأنه مرسل إنما هو عن عبيد الله بن عمر بن حفص.

وما أخرجه الدارقطني ومن طريقه البيهقي قال الدارقطني: نا محمد بن القاسم بن زكريا نا هشام بن يونس نا محمد بن يعلى عن عمر بن صبيح عن مقاتل بن حيان عن صفوان بن سليم عن سعيد بن المسيب أنه قال: لما حج عمر حجته الأخيرة التي لم يحج غيرها، غودر رجل من المسلمين قتيلا في بني وادعة، فبعث إليهم عمر، وذلك بعد ما قضى النسك وقال لهم: هل علمتم لهذا القتيل قاتلا منكم؟ قال القوم: لا، فاستخرج منهم خمسين شيخا، فأدخلهم الحطيم، فاستحلفهم بالله رب هذا البيت الحرام، ورب هذا البلد الحرام، والشهر الحرام، أنكم لم تقتلوه، ولا علمتم له قاتلا، فحلفوا بذلك، فلما حلفوا قال: أدوا ديته مغلظة في أسنان الإبل، أو من الدنانير، والدراهم دية وثلثا فقال رجل منهم، يقال له سنان: يا أمير المؤمنين أما تجزيني من مالي؟ قال: لا، إنما قضيت عليكم بقضاء نبيكم - صلى الله عليه وسلم -، فأخذوا ديته دنانير، وثلث دية (٤).

والجواب عن هذا الحديث بأن فيه عمر بن صبيح وهو متروك، قال ذلك الدارقطني والبيهقي وابن القيم فقال الدارقطني في سنده: عمر بن صبيح متروك (٥) وقال البيهقي رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني قوله إنما قضيت فيكم بقضاء نبيكم منكر


(١) فتح الباري ج١٢ ص١٩٨ - ١٩٩.
(٢) المصنف ج١٠ ص٤١.
(٣) فتح الباري ج١٢ ص١٩٩.
(٤) سنن الدارقطني ج٢٠ ص٣٥٩، والسنن الكبرى ج٨ ص١٢٥.
(٥) سنن الدارقطني ج٢ ص٣٥٥.