للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولسوء الحظ لم يكن بالبلاد إنتاج محلي، لكي يشارك في الاستفادة من تلك النفقات الباهظة، ولم تكن تعرف مؤسسات ادخارية للحد من هذه الطفرة في المصروفات، ولامتصاص جزء منها وإعادتها إلى تيار النشاط الاقتصادي على شكل استثمارات إنتاجية نافعة، كذلك لم يكن بالبلاد ضرائب تصاعدية لاقتطاع قدر معين من الدخل، وهذا ما يعبر عنه بالادخار الإجباري، وكانت النتيجة الحتمية لهذا الواقع الأليم تزايد الطلب على البضائع المستوردة من الخارج، والتي كان جلها من البضائع الاستهلاكية.

ومن ثم ارتفاع هائل في مستوى الأسعار، وأرباح تجارة ضخمة، وموجة عارمة من التضخم؛ ولدت آثارا سيئة، إذ كان من جرائها أن هربت رءوس الأموال إلى الخارج، مما عمل مع التزايد في الطلب على الواردات، على إيجاد عجز في ميزان المدفوعات، فلجأت إلى قروض أجنبية أدت إلى نتائج عكسية؛ لأنها كانت لتمويل عمليات استهلاكية وغير إنتاجية. ومخافة الانهيار الاقتصادي جاءت السياسة المالية الرشيدة عام ١٣٧٧ هـ واضعة نصب عينيها محاربة التضخم، ومعالجة الأوضاع المالية المتدهورة، فنجحت في تحقيق أهدافها في تدعيم النقد وتقوية المركز المالي للبلاد، ولكن هذا العلاج كان وقتيا، فالعلاج الناجح يجب أن يكون جذريا، متمثلا في سياسة اقتصادية مالية متكاملة، تعنى بموازنة الإيرادات والمصروفات ومحاربة التضخم؛ كما تعنى في الوقت نفسه بوضع سياسة