للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله - سبحانه وتعالى - في خلقه، اقتضت إرسال الرسل، وإنزال الكتب، وأن الناس بعد الرسل عليهم أمانة التبليغ والإيضاح، وتحري الصدق، وعدم كتمان شرع الله، أو تحريفه أو تبديله، وأن يكون المقصد ابتغاء ما عند الله، بالدعوة والتبليغ، لا مكاسب الدنيا، من مال وجاه، أو رياء أو غير ذلك.

فخان أهل الكتاب هذا الميثاق، واستحقوا بذلك غضب الله ومقته؛ لأنهم عدلوا في شرع الله، حسب ما تصبوا إليه أنفسهم، واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون.

ومن قصر من هذه الأمة عن أداء حق الله في تبليغ دعوته، وتعليم الناس أمور دينهم، أو غلب دنياه وهواه على أمر الله، فإنه يكون ممن سلك طريقة أهل الكتاب، في تعمد المخالفة لما أمر به، وفي الإخلال بميثاق الله الذي أخذ على أهل العلم، في وجوب بيانه، وعدم كتمانه ألم يقل سبحانه وتعالى في سورة الزخرف في إبانة الدور المطلوب في إبلاغ أمانة الله إلى عباد الله: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} (١) {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} (٢).

وتأتي أهمية نشر العلم، والحرص بجد واجتهاد على تبليغه، من العمق في فهم نصوص شرع الله، وإدراك المسئولية المناطة بأعناق العلماء في أداء الواجب المفروض عليهم، لعل الله أن يخفف مسئولية السؤال، وأن يقيل العثرات.

والمسئولية تبدأ بالنفس أولا؛ لأن الله - جل وعلا - يقول: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (٣)؛ إذ أساس الدعوة القدوة الصالحة، وركيزة العلم العمل؛ لأن العلم بلا عمل، كشجر بلا ثمر.

ثم على الإنسان واجب البدء بمن حوله، يقول سبحانه وتعالى في توجيه كريم للفئة


(١) سورة الزخرف الآية ٤٤
(٢) سورة الزخرف الآية ٤٥
(٣) سورة الصف الآية ٣