للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عملا الذي عملت، عاهدا فوفيا، وأنت عاهدت فغدرت، وقلت فما وفيت وجرت. والسلطان من شدة ما أوقع الله له في قلبه من المحبة والهيبة سأل: من هذا الشيخ؟ فإني لم أر مثله، ولا أثبت قلبا منه، ولا أوقع من حديثه في قلبي، ولا رأيتني أعظم انقيادا لأحد منه. . . ثم خرج من بين يدي السلطان مكرما معززا بحسن نيته الصالحة من بذله نفسه في طلب حقن دماء المسلمين، فبلغه الله ما أراده، وكان أيضا سببا لتخليص غالب أسارى المسلمين من أيديهم وردهم على أهليهم) (١).

وقد ذكر عبد السلام حافظ عنه مواقف كثيرة في شجاعة القتال الميداني، والتصدي للتتار، وفي قوة العزم، ومحاربة كل دخيل على منهج الإسلام السليم: من عقائد ومفاسد، وضلال وغواية، إلى درء للمحرمات، ومقاومة مصادرها، ومن ذلك:

في يوم ١٧ رجب عام ٦٩٩هـ نفذ الإمام عزمه على القضاء على آلات الشرب المحرم، فخرج بنفسه مع بعض رفاقه، يدورون على الحانات ومحال الخمور، يريقونها، ويكسرون آنيتها، بل ويعزرون أصحابها (٢).

وفي شهر رجب سنة ٧٠٤هـ قصد الإمام مسجد التاريخ، يرافقه نفر من أصحابه ومن الحجارين، حيث أمرهم بإزالة صخرة كانت تزار، وتنذر لها النذور بنهر (فلوط)، وعنها قال ابن كثير: (فقطعها - يعني ابن تيمية - وأراح الله المسلمين منها ومن الشرك).

وفي أوائل شهر محرم سنة ٧٠٥هـ نراه يشارك أيضا في الحملة ضد فئات منحرفة تنكرت لبعض تعاليم الإسلام، ببلاد الجرد، والرفض، والتيامنة، وقد لحق به نائب السلطنة جمال الدين الأقرم في جنده المسلمين، فحاربوهم


(١) الكوكب الدرية، ص٩٣، ٩٤.
(٢) انظر كتابه: ابن تيمية ص ٢٧.