للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه بماله.

ورد ابن تيمية وابن القيم على من منع التسعير مطلقا محتجا بقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله هو المسعر القابض الباسط (١)» بما يلي (٢):

أن هذه قضية معينة وليست لفظا عاما، وليس فيها أن أحدا امتنع من بيع يجب عليه، أو عمل يجب عليه لحاجة الناس إليه أو طلب في ذلك أكثر من عوض المثل.

ومعلوم أن الشيء إذا قل رغب الناس في المزايدة فيه، فإذا بذله صاحبه كما جرت به العادة، ولكن تزايد الناس فيه، فهنا لا يسعر عليهم.

فالرسول صلى الله عليه وسلم حين امتنع عن التسعير لما طلبوا منه ذلك؛ لأنه رأى أن تلك الحالة لا تستوجب التسعير؛ لكون إرتفاع السعر وانخفاضه أمر حتم تفرضه طبيعة الأسواق وفق العرض والطلب، وإلا فإن الحاكم من حقه التسعير؛ لأن له حق التدخل لصالح المجتمع العام مثل جبر المحتكر على البيع وتعزيره والسيطرة على أمواله، ما دام هذا سبيلا من سبل حماية الناس من الجشع والاستغلال.

وقد ذكر ابن تيمية وابن القيم: أن التسعير لم يقع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة؛ لأنه لم يكن فيها حائك، بل كان يقدم عليهم بالثياب من الشام واليمن ومصر فيشترونها ويلبسونها، ولم يكن عندهم من يطحن ويخبز بأجر، بل كانوا يشترون الحب، ويطحنونه، ويخبزونه في بيوتهم، وكان من


(١) سنن الترمذي البيوع (١٣١٤)، سنن أبو داود البيوع (٣٤٥١)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٠٠)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢٨٦)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٤٥).
(٢) الحسبة لابن تيمية ص٣٥، ٣٦، والطرق الحكمية في السياسة الشرعية لابن القيم ص٢٧٨.