للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حي على الفلاح، ثم التكبير لله، ثم الشهادة له بالوحدانية سبحانه وتعالى، فجعل أصل الدين: الذي هو الإقرار بالشهادتين دعوة للصلاة ونداء لها، فالعباد ينتبهون بهذا الذكر وبهذا النداء في بيوتهم، وفي مضاجعهم، وفي مراكبهم، وفي كل مكان ينبهون لهذه العبادة، ولحق الله وعظمته بهذا النداء العظيم الذي لا يسمعه شجر ولا مدر ولا شيء إلا شهد لصاحبه يوم القيامة، كما جاء بذلك الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم شرع الله للناس أيضا زكاة، وجعلها حقا في أموالهم يربط الأغنياء بالفقراء ويصلهم بهم، وفي ذلك فوائد كثيرة منها مواساة الفقراء والإحسان إليهم، ومنها مواساة أبناء السبيل، ومنها مواساة المؤلفة قلوبهم، وتقوية إيمانهم، ودعوتهم إلى الخير، ومنها مساعدة الرقاب على العتق وفك الأسارى، ومنها أيضا مساعدة الغارمين على قضاء ديونهم، ومنها مساعدة الغزاة على الجهاد في سبيل الله، فهي حق عظيم في المال يزكي صاحبه، وينمي ثروته، ويرضي ربه، والله مع هذا يخلفه عليه سبحانه وتعالى بأحسن خلف، مع هذه الفوائد العظيمة، قال - عز وجل -: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (١)، ففي هذه الفريضة وفي هذا الحق شكر لله - عز وجل - على نعمه، وقربة إليه - سبحانه وتعالى - بأداء هذا الحق والإنفاق من المال طاعة لله إخلاصا له وتقربا إليه - جل وعلا -، ومع ذلك في نفس الوقت فيه إحسان للعباد ومواساة لهم


(١) سورة التوبة الآية ٦٠