الرجل رأسه وخلع الثياب المعتادة، والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفات، ورمي الجمار، والتقرب إلى الله سبحانه بذبح الهدايا، إلى غير ذلك مما شرع الله في الحج، فمما شهدت العقول الصحيحة والفطر المستقيمة بحسنه، وأنه لا حكمة فوق حكمة من شرعه وأمر به عباده. يضاف إلى ذلك ما في الحج من اتصال المسلمين بعضهم ببعض، وتشاورهم في كثير من أمورهم وتعاونهم في مصالحهم العاجلة والآجلة واستفادة بعضهم من بعض، إلى غير ذلك من الفوائد، فكل ذلك شاهد للذي شرعه بأنه سبحانه أرحم الراحمين، وأحكام الحاكمين، وكل ذلك من جملة منافع الحج التي أشار إليها سبحانه بقوله:{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}(١).
فالحج مؤتمر إسلامي عظيم وفرصة للمسلمين ينبغي أن يستغلوها في شتى مصالحهم، وأن يستفيدوا منها لأمر دنياهم وأخراهم، فنسأل الله أن يوفقهم لذلك، وأن يجمع كلمتهم على الهدى، إنه خير مسئول وأكرم مجيب.
وقد سبق لنا أن ذكرنا أن الله - جل وعلا - أمر الرسل بإقامة الدين، فالرسل بعثوا لإقامة الدين ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - هو أكملهم في ذلك، وهو إمامهم وسيدهم وخاتمهم بعث لإقامة الدين أيضا.
فهذه العبادات وهذه التوجيهات من الله - عز وجل - كلها لإقامة الدين، وأن يكون عندك وازع إيماني يحملك على أداء الواجبات، ومعاملة إخوانك بأحسن المعاملات، وعلى إنصافهم وأداء حقوقهم، وعلى أداء الأمانة في كل شيء والرجوع إلى الله في كل شيء حتى تكون عبدا ممتثلا سائرا