للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٦ - قال السرخسي - رحمه الله - في المبسوط: الأصل في حكم الإحصار قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} (١)، أي منعتم من إتمامها، {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (٢) شاة تبعثونها إلى الحرم لتذبح، ثم تحلقون، لقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (٣) فعلى المحصر إذا كان محرما بالحج أن يبعث بثمن هدي يشترى له بمكة فيذبح عنه يوم النحر فيحل من إحرامه، وهذا قول علمائنا - رحمهم الله تعالى - أن هدي الإحصار مختص بالحرم، وعلى قول الشافعي - رحمه الله - لا يختص بالحرم ولكن يذبح الهدي في الموضع الذي يحصر فيه، وحجته في ذلك حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج مع أصحابه - رضي الله عنهم - معتمرا فأحصر بالحديبية فذبح هداياه وحلق بها وقاضاهم على أن يعود من قابل فيخلوا له مكة ثلاثة أيام بغير سلاح فيقضي عمرته (٤)» فإنما نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الهدي في الموضع الذي أحصر فيه؛ ولأنه لو بعث بالهدي لا يأمن أن لا يفي المبعوث على يده، أو يهلك الهدي في الطريق، وإذا ذبحه في موضعه يتعفن بوصول الهدي إلى محله وخروجه من الإحرام بعد إراقة دمه فكان هذا أولى، وحجتنا في ذلك قوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (٥) والمراد به الحرم بدليل قوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (٦) وبعد ما ذكر الهدايا ولأن التحلل بإراقة دم هو قربة، وإراقة الدم لا يكون قربة إلا في مكان


(١) سورة البقرة الآية ١٩٦
(٢) سورة البقرة الآية ١٩٦
(٣) سورة البقرة الآية ١٩٦
(٤) صحيح البخاري الصلح (٢٧٠١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٢٤).
(٥) سورة البقرة الآية ١٩٦
(٦) سورة الحج الآية ٣٣