للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن الشبهات التي تعترض الإنسان: شبهة الخوف من الموت، وشبهة الخوف من الرزق، فالإنسان لا يجوز له أن يترك ما أمره الله به خوفا من أن يأتيه الموت، أو ينقطع رزقة، فإن الموت لا بد حاصل، وكذلك الرزق، لذلك ذكرها الله بعد الأمر بالهجرة، وهون عليهم أمرها لئلا يكونا سببا في التأخر عن أمر الله، فقال تعالى: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} (١) {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (٢). سواء من هاجر أو جلس، والأجل محدد، كما قال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} (٣). وكذلك الرزق المقسوم سيأتي الإنسان، وقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أم سعيد، ثم ينفخ فيه الروح. فإن الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع فيسبق عليه كتابه فيعمل بعمل أهل النار، ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة (٤)». ولما كانت مفارقة الأوطان عزيزة على النفس


(١) سورة العنكبوت الآية ٥٦
(٢) سورة العنكبوت الآية ٥٧
(٣) سورة الأعراف الآية ٣٤
(٤) صحيح البخاري: ٤/ ٧٨ كتاب بدء الخلق باب ذكر الملائكة وكتاب القدر: ٧/ ٢١٠، باب (١) وكتاب التوحيد: ٨/ ١٨٨ باب ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين واللفظ له، صحيح مسلم: ٤/ ٢٠٣٦ كتاب القدر باب كيفية الخلق الآدمي (١) كما أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه.