وإماءهم إلى منتهى الجزيرة مرابطون ممن نزل مدينة وقرية من المدائن والقرى، فهو في رباط أو ثغر من الثغور فهو في جهاد».
وقدر أهل الشام كذلك أن ينتقم الله بهم من أعدائه فعن خريم بن فاتك:«أهل الشام سوط الله في أرضه ينتقم بهم ممن يشاء من عباده، وحرام على منافقيهم أن يظهروا على مؤمنيهم، وأن يموتوا إلا هما وغما وغيظا وحزنا» رواه الطبراني مرفوعا وأحمد موقوفا، ورجاله ثقات. وعن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمعه يقول: «الملحمة الكبرى بأرض يقال لها الغوطة، فيها مدينة يقال لها دمشق، خير منازل المسلمين يومئذ (١)» رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. وقد روى أبو بكر بن شيبة عن أبي الزاهرية، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «معقل المسلمين من الملاحم دمشق، ومعقلهم من الدجال بيت المقدس، ومعقلهم من يأجوج ومأجوج الطور».
وعلى هذا فالأرض المباركة بركتها بالإضافة إلى الأشياء المادية التي ذكرها المفسرون من الثمار والأشجار والأنهار، والأرض المعطاء والسهل الخصيب والجبال العالية والأرض المنخفضة التي تجعلك تنتقل في ساعة من زمن أو أقل من مستوى سطح البحر إلى العلو الشاهق إلى الغور المنخفض، فهناك البركة المعنوية، والبركة المادية تتصاغر أمام البركة المعنوية والتي باركها الله فجعلها القبلة الأولى يصلي إليها المسلمون، وأسري بنبيه إليها، وعرج به من مسجدها إلى السماوات العلا، وجعل مسجدها الأقصى تشد إليه الرحال، وهي عش الأنبياء، وهذا مما جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأتي بنفسه لتسلم القدس.