للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل الغناء وفيه علم الأولين والآخرين، وأن من جمع القرآن فقد حمل أمرا عظيما وقد أدرجت النبوة بين جنبيه، إلا أنه لا يوحى إليه - كما قال ابن عمر رضي الله عنهما - وما ذاك إلا لأنه جامع لمعاني النبوة.

رابعا: وعلى هذا أيضا أجمعت كلمة علماء الإسلام- بعد عصر الصحابة - من جميع الطوائف، فإن القرآن عندهم يفيد معرفة أدلة التوحيد من غير ظن ولا تقليد، ومنه تعلم المتكلمون (علماء الكلام) النظر والأدلة، ولكنهم غالوا في النظر، ولم يقتصروا على القدر النافع المذكور في كتاب الله تعالى.

وجميع ما هو صحيح من الأدلة عند المتكلمين يمكن رده إلى القرآن الكريم. بل هو في القرآن الكريم، فجميع أدلتهم- مثلا- في وحدانية الله تعالى لا تخرج عن قوله سبحانه: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (١).

وهكذا في سائر أبواب الاعتقاد ومسائله. وقد ألمحنا إلى شيء من هذا عند الحديث عن منهج الصحابة في التلقي.

ولئن كانت أدلة المتكلمين والفلاسفة مقصورة الفائدة على طائفة من الناس الذين يتأثرون بالدليل العقلي المجرد الذي قد لا يدل دلالة قطعية على مدلوله إلا بتأمل كبير وتعمق وتكلف؛ فإن أدلة


(١) سورة الأنبياء الآية ٢٢