للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكتاب والسنة أدلة قاطعة جلية، تسبق إلى الأفهام ببادي الرأي وأول النظر، ويشترك كافة الخلق في إدراكها وفهمها. وهي بذلك مثل الغذاء ينتفع به كل إنسان، بل كالماء الذي ينتفع به الصبي، والرضيع، والرجل القوي. ولهذا كانت أدلة القرآن سائغة جلية.

ألا ترى أن من قدر على ابتداء الخلق فهو على الإعادة أقدر؟ {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} (١) وأن التدبير لا ينتظم في دار واحدة بمدبرين، فكيف ينتظم جميع العالم؟ وأن من خلق علم ما خلق؟، كما قال سبحانه: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (٢).

فهذه أدلة تجري مجرى الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي، ينتفع به الجميع بيسر وسهولة، فتؤدي إلى معرفة وقناعة، ثم إلى التزام وطاعة (٣).

خامسا: فإذا تجاوزنا الدليل الشرعي والإجماع، وجدنا التجربة والواقع العلمي شاهدين عدلين على صحة المنهج الذي سلف، في العودة إلى القرآن والسنة لنستمد منهما أصول العقيدة، إذ لا أحد من العلماء لجأ إلى القرآن الكريم في مسألة إلا وجد لها فيه أصلا (٤) ولذلك كان فيه الكفاية والغناء.

يقول الأستاذ سيد قطب - رحمه الله -: (إننا نعتقد - بالدراسة


(١) سورة الروم الآية ٢٧
(٢) سورة الملك الآية ١٤
(٣) ترجيح أساليب القرآن، لابن الوزير، ص (١٥، ١٦، ٢٢).
(٤) الموافقات، للشاطبي: ٣/ ٣٧١.