الطويلة - أن هذا القرآن فيه غناء كامل في بيان الحقائق التي يقوم عليها التصور الإسلامي، فلا يحتاج إلى إضافة من خارجه في هذا البيان "باعتبار أن السنة إنما هي تفصيل وبيان لما في القرآن " ونحب أن يتعود القارئ أن يلجأ إلى القرآن ليجد فيه تبيانا لكل شيء، ومن ثم فإن النصوص القرآنية هنا "في بحث موضوعات العقيدة الإسلامية" هي الموضوع ذاته، وليست عنصرا مساعدا كما اعتاد الناس أن يجدوها في كثير من البحوث الإسلامية. . .) (١).
ولا أدل على صحة هذا القول من واقع أولئك الذين حاولوا أن يتلمسوا الأدلة العقلية على صحة الاعتقاد، فأطلقوا العنان لعقولهم في البحث والتفكير، بمعزل عن الوحي، متأثرين في ذلك بمنطق اليونان وفلسفتهم، ولكنهم عادوا بالخيبة والخسران، بعد أن بددوا جهدهم، وأضاعوا في البحث عمرهم، ثم وقفوا حائرين، لا يجدون دلالة إلا في كتاب الله الكريم، وفي سنة نبيه العظيم - صلى الله عليه وسلم -.
فهذا إمام الحرمين الجويني (ت ٤٧٨ هـ) وهو الأصولي الجدلي النظار، يقول: " قرأت خمسين ألفا، ثم خليت أهل الإسلام بإسلامهم فيها، وعلومهم الظاهرة، وركبت البحر الخضم، وغصت في الذي نهى أهل الإسلام عنه، كل ذلك في طلب الحق. وكنت أهرب في سالف الدهر من التقليد. والآن قد رجعت عن الكل إلى كلمة الحق. عليكم بدين العجائز، فإن لم