للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشهرة، من غير اعتبار معاينة الفعل، وهذا هو الصحيح، فإن القصد حصول العلم بنسبة الخط إلى كاتبه، فإذا عرف ذلك، وتبين، كان كالعلم بنسبة اللفظ إليه، فإن الخط دال على اللفظ، واللفظ دال على القصد والإرادة، غاية ما يقدر اشتباه الخطوط، وذلك كما يفرض من اشتباه الصور والأصوات.

وقد جعل الله سبحانه وتعالى في خط كل كاتب ما يتميز به عن خط غيره، وصورته عن صورته، وصوته عن صوته، والناس يشهدون شهادة لا يستريبون فيها على أن هذا فيه خط فلان، وإن جازت محاكاته ومشابهته؛ فلا بد من فرق، وهذا أمر يختص الخط العربي به، ووقوع الاشتباه والمحاكاة لو كان مانعا لمنع من الشهادة على الخط عند معاينته إذا غاب عنه لجواز المحاكاة (١).

وقد دلت الأدلة المتظافرة التي تقرب من القطع على قبول، (٢) شهادة الأعمى فيما طريقه السمع، إذا عرف الصوت (٣)، مع أن مشابهة الأصوات إن لم تكن أعظم من تشابه الخطوط، فليس دونه.

وقد صرح أصحاب الإمام أحمد والشافعي رضي الله عنهما: بأن الوارث إذا وجد في دفتر مورثه أن لي عند فلان كذا جاز له أن يحلف على استحقاقه، وأظنه منصوصا عنهما.


(١) انظر: الطرق الحكمية ص ٢٠٣.
(٢) في نسخة (ب).
(٣) انظر: المغني لابن قدامة ج ١٤، ص ١٧٨، ١٧٩، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي ج ٧، ص ٣٤٧.