للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما سليمان وداود عليهما السلام في قضية الحرث، فكان ما بينهما اختلافا وليس مخالفة، قال تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} (١).

ومن نتيجة هذا الفرق بين الخلاف والمخالفة نجزم - بما لا يدع مجالا للشك - بأن الأئمة في مناهجهم العلمية وأساليب عرضهم لن يخالفوا نصا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، اقتداء منهم بسيرة الخلفاء الراشدين والصحابة أجمعين.

وهم بهذا لم يختلفوا ليخالف بعضهم بعضا، أو يخطئ بعضهم بعضا، إنما اختلفوا في سبيل الوصول إلى الحق، وتحقيق مقاصد الشرع بما يتوصلون إليه من فهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وخاصة في مواطن الاحتمال ومسائل الاجتهاد والاستدلال (٢).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وليعلم أنه ليس لأحد من الأئمة المقبولين عند الأمة - قبولا عاما - يتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنته، دقيق أو جليل، فإنهم متفقون اتفاقا يقينا على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم) (٣)


(١) سورة الأنبياء الآية ٧٩
(٢) انظر موقف الأمة من اختلاف الأئمة، للشيخ عطية سالم ص ١٦.
(٣) مجموع فتاوى ابن تيمية، ج ٢٠ ص ٢٣٢.