أوضحنا آنفا ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية بأن الأئمة المقبولين عند الأمة لا يمكن لهم مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سننه، ولكن إذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه فلا بد له من عذر في تركه.
وذكر رحمه الله أن الأعذار ثلاثة أصناف:
أحدها: عدم اعتقاده أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله.
الثاني: عدم اعتقاده إيراد تلك المسألة بذلك القول.
الثالث: اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ.
وفرع رحمه الله هذه الأسباب إلى أسباب عدة:
السبب الأول: أن لا يكون الحديث قد بلغه، ومن لم يبلغه الحديث لم يكلف أن يكون عالما بموجبه، بل اكتفى بظاهر آية أو حديث آخر، أو بموجب قياس، أو موجب استصحاب.
ومن الأمثلة على ذلك خفاء الحكم على أبي بكر في ميراث الجدة، وعلى عمر رضي الله عنه في سنة الاستئذان. وخفاء الحكم إذا نزل الطاعون ببلد (١).
(١) أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فتح الباري ١٠/ ١٧٩.