للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال النووي: هذا الحديث مما ينبغي حفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به (١).

وقال الطرقي: هذا الحديث يصلح أن يسمى نصف أدلة الشرع؛ لأن الدليل يتركب من مقدمتين، والمطلوب بالدليل إما إثبات الحكم أو نفيه، وهذا الحديث مقدمة كبرى في إثبات كل حكم شرعي أو نفيه؛ لأن منطوقه مقدمة كلية في كل دليل ناف لحكم، مثل أن يقال في الوضوء بماء نجس: هذا ليس من أمر الشرع، وكل ما كان كذلك فهو مردود، فهذا العمل مردود.

فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث، وإنما يقع النزاع في الأولى.

ومفهومه أن من عمل عملا عليه أمر الشرع فهو صحيح، مثل أن يقال في الوضوء بالنية: هذا عليه أمر الشرع، وكل ما كان عليه أمر الشرع فهو صحيح.

فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث، والأولى فيها النزاع، فلو اتفق أن يوجد حديث يكون مقدمة أولى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه لاستقل الحديثان بجميع أدلة الشرع، ولكن هذا الثاني لا يوجد، فإذن حديث: " من عمل عملا" نصف أدلة الشرع، والله أعلم (٢).

وفي ضوء ما سبق فإن الإنكار على المبتدعة يعد من الأمور


(١) صحيح مسلم بشرح النووي، ج ١٢ ص ١٦.
(٢) انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج ٥ ص ٣٠٣.