للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للأهواء والشهوات والأغراض فقد يغلب على المرء هواه فيرى المفسدة مصلحة والمضرة منفعة، فالإنسان مهما كمل لا يأمن أن يغلب هواه عليه وأن يزين له السوء ويجعله حسنا.

الدليل السابع: أن العقل قد تخفى عليه بعض وجوه الضرر والفساد، فالعقل مهما نضج لا يأمن من أن يخفى عليه بعض وجوه النفع والضرر.

الدليل الثامن: أن بناء الحكم على المصالح المرسلة بدون العلم بأن الشارع أثبت الأحكام حفظا لهذه المصلحة وضع للشرع بالرأي وحكم بالعقل المجرد وما كان كذلك فلا يصح التمسك به، فالاستصلاح ليس بحجة.

وكون الشارع اعتبرها بالجملة لا يعني أنه عرف من الشرع المحافظة على ذلك بكل حكم يكون طريقا من طرق المحافظة على المصلحة، فإنه لم يعرف من الشارع المحافظة على الدماء بكل طريق، ولذلك لم يشرع المثلة وإن كانت أبلغ في الردع والزجر، ولم يشرع القتل في السرقة، فإذا ثبت حكما لمصلحة من هذه المصالح لم يعلم أن الشرع حافظ على تلك المصلحة بإثبات ذلك الحكم، كان وضعا للشرع بالرأي وحكما بالعقل المجرد (١).


(١) روضة الناظر، ص ١٧٠.