للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كذلك الشأن في العبادات فالنية أساس بيان مراتبها، فالصلاة والصدقات منها ما هو فرض ومنها ما هو نفل على تفصيل، والنية هي التي تحدد مرتبة العبادات من فروض ونوافل. ثم إنه هل (يميز المؤمن عن المنافق إلا بما في قلب كل واحد منهما من الأعمال التي ميزت بينهما) (١).

فإذا كان العمل خالصا لله لا تشوبه شبهة رياء ولا مظنة سمعة، ولا طلب دنيا بل التماس الآخرة، كانت النية سليمة والمقاصد سليمة والوسائل سليمة، فحق لصاحب تلك النية أن يناله أعلى الدرجات عند رب البرية، لأن الإنسان يكون قد صرف نيته خالصة لله، والله سبحانه وتعالى يقول {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (٢)، وذلك انطلاقا من نيته العامة المواكبة لإيمانه، ونيته الخاصة المقترنة بعباداته والتي تخصص بها العبادة عما سواها، حيث ترتفع النية بالإنسان في مدارج كمالات الإيمان، فلا ثواب ولا عقاب إلا بنية (٣)، إلا أنه يغتفر في الوسائل ما لا يغتفر في


(١) بدائع الفوائد لابن القيم ج ٣ ص ٢٢٤ وما بعدها.
(٢) سورة الزمر الآية ٣
(٣) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ١٦٦.