للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والميم، والطاء والسين. . . إلخ، وهي حروف تعقلونها وتعرفونها وتبنون كلامكم منها، فليست مادة هذا القرآن المعجز ببعيدة عن متناولكم، وليست بشيء لا تعرفونه، فدونكم إياها إن استطعتم الإتيان بمثله.

ولا شك أن في إلقائك لخصمك بقوسك وسهمك متحديا له أن يفعل مثل ما فعلت إثارة وأي إثارة وتحديا عظيما.

ومما يشهد لهذا الرأي ويقويه أن هذه الأحرف قد استهلت بها السور المكية إلا سورتي البقرة وآل عمران، حتى جعلوا ذلك من ضوابط السور المكية، ومعلوم أن التحدي بالقرآن وجه أصلا للخصوم المعاندين، وهم أهل مكة فصلة هذه الأحرف بالإعجاز والتحدي هنا ظاهرة (١).

وعلى هذا القول فإن هذه الفواتح أسماء لمسمياتها وهي الحروف المذكورة، بمعنى أن (ألف) اسم لهذا الحرف (ا) ولام اسم لهذا الحرف (ل) وميم اسم لهذا الحرف (م) وهكذا، والمراد بذلك ما ذكرناه وهو التحدي والإعجاز.

وقد ذهب إلى هذا القول أئمة وعلماء كبار منهم ابن تيمية رحمه الله تعالى الذي قال عن هذه الأحرف: (وأما الحروف التي ينطق بها مفردة مثل: ألف لام ميم ونحو ذلك فهذه في الحقيقة أسماء الحروف) (٢).


(١) انظر كتابي خصائص القرآن الكريم، ص ٢١٢، ٢١٣.
(٢) مجموع فتاوى ابن تيمية: جمع عبد الرحمن بن قاسم، ج ١٢ ص ٤٤٨.