للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مركب من هذه الأحرف التي تعرفون فأتوا إن استطعتم بمثله من هذه الأحرف، إذا كان الأمر كذلك فلماذا لم يذكر هذه الأحرف مجتمعة في موضع واحد بل فرقها على تسع وعشرين سورة، وقد أثار هذا السؤال الزمخشري - أحد القائلين بهذا الرأي - ثم أجاب عليه، فقال: " (فإن قلت) فهلا عددت بأجمعها في أول القرآن، وما لها جاءت مفرقة على السور؟ (قلت) لأن إعادة التنبيه على أن المتحدى به مؤلف منها لا غير وتجديده في غير موضع واحد أوصل إلى الغرض، وأقر له في الأسماع والقلوب من أن يفرد ذكره مرة، وكذلك مذهب كل تكرير جاء في القرآن فمطلوب منه تمكين المكرر في النفوس وتقريره " (١).

ثم أثار سؤالا آخر وأجاب عليه، فقال: " (فإن قلت) فهلا جاءت على وتيرة واحدة، ولم اختلفت أعداد حروفها فوردت (ص)، و (ق)، و (ن)، على حرف، و (طه)، و (طس)، و (يس)، و (حم)، على حرفين، و (ألم)، و (الر)، و (طسم)، على ثلاثة أحرف، و (ألمص)، و (ألمر)، على أربعة أحرف و {كهيعص} (٢) و {حم} (٣) {عسق} (٤) على خمسة أحرف؟ (قلت) هذا على عادة افتنانهم في أساليب الكلام وتصرفهم فيه على طرق شتى ومذاهب متنوعة، وكما أن أبنية كلماتهم على حرف وحرفين إلى خمسة أحرف لم تتجاوز ذلك، سلك بهذه الفواتح ذلك المسلك " (٥).


(١) الكشاف: الزمخشري، ج١ ص ١٨.
(٢) سورة مريم الآية ١
(٣) سورة الشورى الآية ١
(٤) سورة الشورى الآية ٢
(٥) الكشاف: الزمخشري، ج١ ص ١٨.