للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إن العلماء رأوا أن بعض الأيمان ملحق باليمين بالله تعالى في إيجاب الكفارة فألحقوه بذلك لوجود المعنى الذي شرعت الكفارة لأجله، وعند هذا اختلف نظرهم فمنهم من يلحق أنواعا كثيرة ومنهم من يلحق أقل من ذلك على اختلاف نظرهم واجتهادهم ويوجد هذا الاختلاف بالصحابة والتابعين ومن بعدهم ومضى إلى أن قال: قد اجتمعت الأمة على أن يمين الطلاق ليست داخلة في أيمان الكفارة فلا معدل عن الإجماع بدليل غيره هذا أيضا لم يقله أحد من المسلمين ثم إن هذه الأيمان التي ذكرناها هل تسمى أيمانا قال ابن عبد البر وأما الحلف بالطلاق والعتق فليس بيمين عند أهل التحصيل والنظر وإنما هو طلاق بصفة أو عتق بصفة إذا أوقعه موقعا وقع على حسب ما يجب في ذلك عند العلماء كان على أصله وقول المتقدمين بين الأيمان بالطلاق والعتق إنما هو كلام خرج على الامتناع والمجاز والتقريب وأما الحقيقة فإنما هو طلاق على وصف وعتق على وصف ما ولا يمين في الحقيقة إلا بالله عز وجل فقد تبين خروج يمين الطلاق من الآية الكريمة وأما الآية الثانية وهي قوله تعالى {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (١) فإن المستدل تعلق بها بناء على أن الكفارة وجبت في التحريم خاصة وأن الله سبحانه جعله يمينا وأجراه مجرى اليمين في الكفارة ونبه على دخوله في الآية المذكورة قبلها، وهذا ليس كذلك فإن هذه الواقعة قد قيل أنها في قصة مارية وقيل في قصة العسل، ومن العلماء من لم يذكر فيها يمينا بالله تعالى وجعل الكفارة للتحريم، وعلى هذا القول يخرج الجواب مما تقدم والنبي صلى الله عليه وسلم توقف عن الكفارة حتى قال الله سبحانه ما قال فلو كان الحرام يسمى حقيقة لعلم دخوله في الآية الأولى فلما احتاج إلى إعلام الله إياه دل على أنه لم يدخل في اليمين إلا في الحكم لا في الاسم الحقيقي، وفي مسألة التحريم أقوال كثيرة للعلماء وأكثرهم على أنه ليس بيمين على الإطلاق فلا يدخل في الآية الكريمة إلا في الحكم لا في الاسم الحقيقي هذا على قول من يوجب الكفارة لكونه تحريما.


(١) سورة التحريم الآية ٢