للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بانتظار من ينتظر من الفريقين، المؤمنين والكافرين، فأخبر أن من صارت حاله إلى هذا الخبر فهو مع المؤمنين " (١).

وما قاله ابن عاشور لا يخرج عما جاء في صحيح البخاري من أن الآية نزلت في توبة المنافقين.

وقال صاحب الظلال-: " وفي مواضع أخرى كان يكتفي بأن يقوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا} (٢) فالتوبة والإصلاح يتضمنان الاعتصام بالله، وإخلاص الدين له، ولكنه هنا ينص على الاعتصام بالله، وإخلاص الدين لله؛ لأنه يواجه نفوسا تذبذبت، وتولت غير الله؛ فناسب أن ينص عند ذكر التوبة والإصلاح على التجرد لله، والاعتصام به وحده، وخلاص هذه النفوس من تلك المشاعر المذبذبة، وتلك الأخلاق المخلخلة ليكون في الاعتصام بالله وحده قوة وتماسك، وفي الإخلاص لله وحده خلوص وتجرد.

وبذلك تخف تلك الثقلة التي تهبط بالمنافقين في الحياة الدنيا إلى اللصوق بالأرض، وتهبط بهم في الحياة الآخرة إلى الدرك الأسفل من النار، وبذلك يرتفع المؤمنون منهم إلى مصاف المؤمنين المعتزين بعزة الله وحده، المستعلين بالإيمان، المنطلقين من ثقلة الأرض بقوة الإيمان {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} (٣).

وبهذه اللمسات المنوعة يكشف حقيقة المنافقين في


(١) راجع تفسير ابن عاشور، ٥/ ٢٤٤.
(٢) سورة النساء الآية ١٤٦
(٣) سورة النساء الآية ١٤٦