٤ - الشمول: ومما يعتمد عليه نجاح أي خطبة شمولها واستيعابها لجوانب الموضوع، وموقف كموقف الأنصار الذي تعددت فيه العوامل والهواجس، يحتاج فيه السامعون إلى إجابة عن عدة أسئلة ماثلة في النفوس ولو بقي سؤال واحد لم تعالجه الخطبة لبقيت في النفوس بعض الهواجس والوساوس.
ومن هذه الأسئلة الماثلة في نفوس الأنصار أو نفوس كثير منهم:
لماذا أعطى الرسول أغلبية الناس من الغنائم أكثر مما أعطى الأنصار؟
وهل سيعود الرسول مع الأنصار إلى المدينة أم يستقر في مكة؟
وهل هناك علاقة بين الأنصبة والإيمان، بمعنى أن كثرة النصيب تدل على الإيمان والعكس بالعكس، أم لا توجد بينهما علاقة؟
وهل غضب الأنصار من أجل الغنائم سيترك أثرا في نفس الرسول - صلى الله عليه وسلم- أم سيظل راضيا عنهم، محبا لهم؟
وقد رأينا فيما سبق كيف أن الخطبة استوعبت كل هذه الجوانب، فأجابت عنها إجابة شاملة مقنعة، ملأت نفوس الأنصار راحة واطمئنانا ورضا، حتى بلغوا من تأثرهم أن تبللت لحاهم بالدموع، ولو بقي شيء من هذه التساؤلات دون أن تناقشه الخطبة أو تجيب عنه لبقيت نفوسهم مهومة بعض التهويم في آفاق التردد والتساؤل.
٥ - الإقناع: ومما يعتمد عليه نجاح الخطبة الإقناع، بمعنى أن يكون منطق الخطيب مقنعا، قوي الحجة، فمن الواضح أن عدم اقتناعهم يفقد الخطبة تأثيرها وقيمتها، حيث لا يتحقق للخطيب ما يهدف إليه من استجابة السامعين.
وفي هذه الخطبة نجد الإقناع يبلغ قمة ما يرجى منه، حيث لا يترك مجالا للتردد أو التساؤل، فضلا عن الخلاف والمعارضة، ويمكن أن نلتمس أبرز جوانب الإقناع فيما يأتي.
١ - اعتمدت الخطبة على المعاني والجوانب العامة التي يسلم بها الأنصار جميعا مهما تفاوتوا في التفكير أو السن أو حتى درجة التدين، دون الدخول في التفاصيل التي تحتمل الجدل والنقاش.