للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يراقب الله ويتقيه ويطيع أوامره وينتهي عن نواهيه، يرجو ثوابه ويخشى عقابه، وهذا هو معنى قوله سبحانه: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (١) ثم هو مع هذا يوصي إخوانه وأهل بيته، وينصح زوجته وينصح أولاده، ويوصيهم بطاعة الله، يوصي جيرانه، ويوصي جلساءه وزملاءه وينصح لهم ويحذرهم من معاصي الله، ويصبر أيضا، ويوصي بالصبر إذ لا بد من الصبر؛ لأن هذه الأعمال تحتاج إلى صبر، فالإيمان يحتاج إلى صبر، والعمل يحتاج إلى صبر، والتواصي بالحق والصبر عليه يحتاج إلى صبر، والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحتاج إلى صبر.

وقد سمعتم ما قرأ إمامنا عن وصية لقمان لابنه، يقول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (٢) ثم ذكر الله الوصية بالوالدين وأوصى الولد بوالديه وإن كانا كافرين بأن يحسن إليهما ويصحبهما بالمعروف لعل الله أن يهديهما بأسبابه، ثم يقول لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (٣) {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} (٤) يعني: إياك والتكبر والتعاظم في نفسك والعجب، وعليك بالتواضع وعدم التكبر، فالمؤمن يتقي الله ويراقب الله في جميع أموره، فيؤدي ما أوجب الله، ويترك ما حرم الله، وينصح


(١) سورة العصر الآية ٣
(٢) سورة لقمان الآية ١٣
(٣) سورة لقمان الآية ١٧
(٤) سورة لقمان الآية ١٨