للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهم، ومنافستهم ومسابقتهم إلى الخيرات وإلى حلقات العلم والمذاكرة والقراءة، والحرص على الاستفادة، وإن كان جلساؤه من أهل السفه واللهو، وإضاعة الوقت، وأهل الضحك والمزاح، فإن عليه أن ينصحه بالبعد عنهم، ويحذره من الجلوس معهم، حرصا على الاستفادة من الزمان، وعلى حفظ الأعمار فيما يعود على الإنسان بالمصلحة في دينه ودنياه.

أما إن كانوا من أهل الفساد والخنا، وعمل الفواحش وفعل المنكرات، والانهماك في المحرمات، فإن صحبتهم تردي بمن صحبهم.

وقد نهى الله تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- عن مجالسة مثل هؤلاء بقوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (١). والأمر لرسوله -صلى الله عليه وسلم- ولكل فرد من أفراد أمته.

والخوض في آيات الله تعالى يعم من يستهزئ بها، أو يكذب بها، أو يطعن في صحتها، أو يعيب أهلها، ويدخل في الآيات كلام الله تعالى وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأحكام الشرع، والحلال والحرام، فكل من خاضوا في ذلك بالباطل حرم الجلوس معهم، ولو كانوا من المتسمين بالإسلام، فمن جلس معهم غافلا عن الحكم ثم تذكر، أو بدءوا بكلام مباح ثم انتقلوا إلى الخوض المنهي عنه، فإن عليه المبادرة بالقيام عنهم إن لم يتأثروا بالنصح، ولم يقبلوا المعروف، وقد نبه الله تعالى المؤمنين على هذا الحكم، وأكده مرة أخرى بقوله: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} (٢).


(١) سورة الأنعام الآية ٦٨
(٢) سورة النساء الآية ١٤٠