للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإجلال.

وقد روي أن المشركين طلبوا من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يطرد عنه ضعفاء المسلمين وفقراءهم، من المماليك والموالي والحلفاء الذين أسلموا معه، وذكروا أنهم يأنفون عن مجالستهم، فهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بطردهم طمعا في إسلام أولئك الأكابر من المشركين ليسلم غيرهم، ولكن الله تعالى نهاه عن طرد أولئك المؤمنين بقوله: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (١) إلى قوله: {فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ} (٢) وفي هذا ترغيب في مجالسة الصالحين، والقرب منهم، والاستفادة من علومهم وأعمالهم، وفي ضمن ذلك التحذير من مجالسة الأشرار والمفسدين، وأهل الغي والضلال.

ولقد وردت السنة النبوية في التحذير من جلساء السوء، والترغيب في صحبة الأخيار والصالحين، والقرب منهم، كما في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة (٣)» متفق عليه عن أبي موسى. وروى أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ومثل جليس الصالح كمثل صاحب المسك إن لم يصبك منه شيء أصابك من ريحه، ومثل جليس السوء كمثل صاحب الكير، إن لم يصبك من سواده أصابك من دخانه (٤)» قال


(١) سورة الأنعام الآية ٥٢
(٢) سورة الأنعام الآية ٥٢
(٣) هو في صحيح البخاري برقم ٢١٠١، ٥٥٣٤ ومسلم برقم ٢٦٢٨ ورواه بقية الجماعة.
(٤) هو في سنن أبي داود برقم ٤٨٢٩ وإسناده صحيح.