والدين وتفاصيل الشريعة، فبطريق الأولى إذا كان المربي بعيد الصلة والنسب من أولئك الأطفال، ولا قصد له ولا أرب في إصلاح أديانهم، بل جل همه صرفهم عن عقيدتهم، وتلقينهم ملة غير ملة آبائهم وأسلافهم، وهذا بلا شك هدف تلك الدول الكافرة من حرصهم على احتضان ذراري المسلمين الذين فقدوا آباءهم وأهليهم، أو الذين ابتلوا بالفقر والفاقة، واشتدت حاجتهم إلى المادة البدنية والروحية، وقد اتفق جمهور العلماء على أن العاصي والفاسق لا ولاية له على الصبي المحكوم بإسلامه، وأحب أن أنقل هنا كلام بعض العلماء، لتوضيح ذلك، وذكر المفاسد التي تنشأ عن تولي الفسقة وتربيتهم، فمن ذلك كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، قال في مجموع الفتاوى ٣٤/ ١٣١: " فلو قدرنا أن الأب ديوث لا يصونه والأم تصونه لم نلتفت إلى اختيار الصبي، فإنه ضعيف العقل، قد يختار أحدهما؛ لكونه يوافق هواه الفاسد، ويكون الصبي قصده الفجور ومعاشرة الفجار، وترك ما ينفع من العلم والدين والأدب والصناعة، فيختار من أبويه من يحصل له معه ما يهواه، والآخر قد يرده ويصلحه. ومتى كان الأمر كذلك فلا ريب أنه لا يمكن من يفسد معه حاله. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «مروهم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع (١)» فمتى كان أحد الأبوين يأمره بذلك والآخر لا يأمره، كان عند الذي يأمره بذلك دون الآخر؛ لأن ذلك الآمر له هو المطيع لله ورسوله في
(١) رواه أبو داود كما في سننه برقم ٤٩٥ عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.