للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال في حق المؤمنين: {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} (١).

فقالت طائفة، منهم السهيلي وغيره: إنما لم يقل في حق هؤلاء: الأزواج؛ لأنهن لسن بأزواج لرجالهم في الآخرة؛ ولأن التزويج حلية شرعية وهو من أمر الدين فجرد الكافرة منه كما جرد منها امرأة نوح وامرأة لوط. ثم أورد السهيلي على نفسه قول زكريا: {وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا} (٢)، وقوله تعالى عن إبراهيم: {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ} (٣)، وأجاب بأن ذكر المرأة أليق في هذه المواضع؛ لأنه في سياق ذكر الحمل والولادة، فذكر المرأة أولى به؛ لأن الصفة التي هي الأنوثة هي المقتضية للحمل والوضع، لا من حيث كانت زوجا.

قلت: ولو قيل: إن السر في ذكر المؤمنين ونسائهم بلفظ الأزواج أن هذا اللفظ مشعر بالمشاكلة والمجانسة والاقتران، كما هو المفهوم من لفظه؛ فإن الزوجين هما الشيئان المتشابهان المتشاكلان والمتساويان، ومنه قوله تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} (٤)، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " أزواجهم:

أشباههم ونظراؤهم " (٥)، وقاله الإمام أحمد أيضا، ومنه قوله


(١) سورة البقرة الآية ٢٥
(٢) سورة مريم الآية ٥
(٣) سورة الذاريات الآية ٢٩
(٤) سورة الصافات الآية ٢٢
(٥) ذكره ابن كثير في تفسيره (٧/ ٧).