للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: " وصفهن سبحانه وتعالى بقصر الطرف في ثلاثة مواضع: أحدها: هذا. والثاني: قوله تعالى في الصافات: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ} (١). والثالث: قوله تعالى في ص: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ} (٢) والمفسرون كلهم على أن المعنى قصرن طرفهن على أزواجهن فلا يطمحن إلى غيرهم. وقيل: قصرن طرف أزواجهن فلا يدعهم حسنهن وجمالهن أن ينظروا إلى غيرهن، وهذا صحيح من جهة المعنى، وأما من جهة اللفظ فقاصرات صفة مضافة إلى الفاعل لحسان الوجوه، وأصله قاصر طرفهن أي: ليس بطامح متعد " (٣).

وقال رحمه الله تعالى: " {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} (٤) أي لم يمسسن. قال المفسرون: لم يطأهن ولم يغشهن ولم يجامعهن، هذه ألفاظهم وهم مختلفون في هؤلاء، فبعضهم يقول: هن اللواتي أنشئن في الجنة من حورها، وبعضهم يقول: يعني نساء الدنيا أنشئن خلقا آخر أبكارا كما وصفن. قال الشعبي: نساء من نساء الدنيا لم يمسسن منذ أنشئن خلقا. وقال مقاتل: لأنهن خلقن في الجنة. وقال عطاء عن ابن عباس: هن الآدميات اللاتي متن أبكارا. وقال الكلبي: لم يجامعهن في هذا الخلق الذي أنشئن فيه إنس ولا جان. قلت- ابن القيم -: " ظاهر القرآن أن هؤلاء النسوة لسن من نساء الدنيا؛ وإنما هن من الحور


(١) سورة الصافات الآية ٤٨
(٢) سورة ص الآية ٥٢
(٣) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح باب ٥٣ فصل ١ ص١٦٧.
(٤) سورة الرحمن الآية ٥٦